الأسماء والصفات تتعلق بالله سبحانه وتعالى، وهذا يزيدها شرفاً، وهذا يجعل علم الأسماء والصفات أشرف العلوم؛ لأنه يتعلق بالله سبحانه وتعالى، كما قال ابن العربي رحمه الله: شرف العلم بشرف المعلوم، والباري أشرف المعلومات فالعلم بأسمائه أشرف العلوم.
وابن القيم رحمه الله يقول: وكما أن كل موجود سواه فبإيجاده، فوجود سواه تابع لوجوده تبع المفعول المخلوق لخالقه، فكذلك العلم به أصل للعلم بكل ما سواه، فالعلم بأسمائه وإحصاؤها أصل لسائر العلوم، فمن أحصى أسماءه كما ينبغي للمخلوق أحصى جميع العلوم، إذ إحصاء أسمائه أصل لإحصاء كل معلوم؛ لأن المعلومات هي من مقتضاها ومرتبطة بها، وتأمل صدور الخلق والأمر عن علمه وحكمته تعالى؛ ولهذا لا تجد فيها خللاً ولا تفاوتاً؛ لأن الخلل الواقع فيما يأمر به العبد أو يفعله، إما أن يكون لجهل به أو لعدم حكمته، أما الرب تعالى فهو العليم الحكيم فلا يلحق فعله ولا أمره خلل ولا تفاوت ولا تناقض.
أنتم جميعاً أحسبكم من حفاظ كتاب الله عز وجل، ومن لم يكمل منكم حفظ كتاب الله فهو في الطريق، وتقرءون كتاب الله عز وجل كثيراً، فما هو حجم الحديث عن الأسماء والصفات في القرآن الكريم؟ إنك حين تتأمل كتاب الله عز وجل لا تكاد تخطئك هذه الأسماء والصفات فتجد أحياناً حديثاً سرداً لأسماء الله عز وجل وصفاته وحديثاً عن عظمة الله سبحانه وتعالى، وأحياناً تجدها تعقيباًَ على آية من الآيات في وعد أو وعيد أو حكم شرعي، أو حديث عن المكذبين والضالين، أو عن أنبياء الله ورسله.
وحينها نطرح سؤالاً مهم: لماذا هذا الحديث المستفيض في القرآن الكريم عن الأسماء والصفات؟ لو أننا وقفنا عند النقطة المعرفية البحتة وقلنا: إن واجبنا تجاه أسماء الله عز وجل وصفاته أن نثبتها حقاً كما هي لله سبحانه وتعالى فقط فهل يجوز ذلك؟ إن المعرفة قضية لا يجوز أن نهمشها، بل الخلل فيها انحراف ومدعاة لأن يكون المسلم خارج دائرة الفرقة الناجية، وضمن الفرق الهالكة المتوعدة بالنار عافانا الله وإياكم، لكن هذا الحديث المستفيض عن علو الله على خلقه، وأن الله هو الرزاق، وأن الله هو العليم الحكيم السميع البصير، فهل يمكن أن نقف فقط هنا ونقول: هذا إثبات اسم والاسم يتضمن صفة وننتهي فقط عند هذا القضية، أم أن هناك معنى آخر.
لماذا يحدثنا الله في القرآن عن الأسماء والصفات؟ بل لماذا يكون أكثر الحديث في كتاب الله عز وجل.
أليس هذا موحياً بأهمية الأمر، ثم أليس هذا موحياً بأن هناك واجباً آخر وأن هناك أثراً آخر لقضية الإيمان بالأسماء والصفات ينبغي أن نعيه؟