[الحجاب يعطل الحياة العامة]
ثانياً: الحجاب يعطل الحياة العامة: يمثل انطلاق المرأة في ميادين الحياة العامة قضية محورية كثيراً ما تثار وتناط بها أمور قد لا تكون بالضرورة ذات علاقة بها، فالحجاب لدى طائفة من هؤلاء يعوق المرأة عن المشاركة بفاعلية، ويعطل مسيرتها، وما دمنا بحاجة إلى مشاركة فاعلة للمرأة فلا معنى لأن تصر على تمسكها بالحجاب.
ودعونا هاهنا نثير تساؤلاً له أهميته: ألا يمكن أن تمارس المرأة دورها الفاعل في الحياة وهي بحجابها؟ وحين يرتبط التخلي عن الحجاب بذلك في مجتمعات الغرب فلا يعني أن المسألة قد غدت محسومة في سائر المجتمعات.
ودعونا نلقي نظرة سريعة على واقع المرأة الغربية التي لم يعد يعوقها شيء، والتي وصلت إلى كل شيء، كيف كان واقعها حين مارست الحياة العامة كما يمارسها الرجال: أن واقع المرأة العاملة في الغرب واقع يبعث على المأساة، فمن أول مظاهر ذلك التمييز، فلا يزال الغرب الذي يناضل دوماً عن حقوق الإنسان وعن حقوق المرأة والذي يعتبر انتهاك أي بلد من بلاد المسلمين لحقوق المرأة موجباً لعقوبات اقتصادية، بل موجباً لحرب قد تشن على تلك البلاد لإنقاذ هذه المرأة المظلومة؛ لا يزال الغرب في مجتمعاته غير قادر على حسم مسألة التمييز ضد المرأة.
تقول إحدى الغربيات وهي إيفان: ظل التمييز بين الرجل والمرأة هو سمة المجتمع الأمريكي حتى مع اقتراب القرن العشرين من نهايته، ومن أكثر المظاهر التي تنتشر في تلك المجتمعات التحرش الجنسي في أماكن العمل، دلت إحدى الدراسات على أن (٩٠%) من الفتيات في أمريكا عانين من التحرش الجنسي.
وتقول لين فارلي مؤلفة كتاب الابتزاز الجنسي الذي طبع عام (١٩٧٨م) -أي: كان هذا الكتاب قبل ما يقرب من خمسة وعشرين عاماً:- إن الاعتداءات الجنسية بأشكالها المختلفة منتشرة انتشاراً ذريعاً في الولايات المتحدة وأوروبا، وهي القاعدة وليست الاستثناء بالنسبة للمرأة العاملة في أي نوع من الأعمال تمارسه مع الرجال.
ويقول مكتب المرأة في لجنة الحقوق المدنية للولايات المتحدة: إن هذا الابتزاز الجنسي للمرأة العاملة واسع الانتشار جداً ويشكل مشكلة عويصة الحل.
وقامت إدارة الخدمة المدنية في اليابان بتوزيع ستين ألف كتيب على موظفي الحكومة في محاولة للحد من حوادث التحرش الجنسي داخل المكاتب الحكومية.
وتقول لين فارلي مؤلفة كتاب الابتزاز الجنسي الذي سبقت الإشارة إليه، تقول متحدثة عن الانتشار الذريع لهذا الابتزاز وأنه تحول إلى قاعدة وليس حالة شاذة: وكشف مسح استطلاعي أعدته وزارة الداخلية البريطانية أن (٨٠%) من ضابطات الشرطة أي بنسبة (٤/ ٥) يتعرضن للمضايقة الجنسية خلال نوبات العمل الرسمية، وشارك في الاستطلاع (١٨٠٠) ضابطة في عشر مديريات أمن في إنجلترا وويلز.
وقالت منظمة العمل الدولية: إن النساء العاملات في مختلف دول العالم الصناعي يعانين من مضايقات تجبر كثيرات منهن على ترك وظائفهن، وحذر التقرير أرباب العمل من أن عدم معالجة هذه المشكلة يمكن أن يؤثر على الأداء الاقتصادي لشركاتهم وأن يكون سبباً لفقد موظفات أكفاء ولتكاليف إضافية بسبب عمليات التقاضي.
وأظهر التقرير أن (٨٤%) من النساء العاملات في أسبانيا و (٧٤%) في بريطانيا يبلغن عن تعرضهن لمضايقات، وأشار هانس في تعليق على التقرير إلى أن الأرقام الحقيقية للمشكلة أعلى من ذلك بكثير؛ لأن نسبة غير قليلة من الحالات لم يتم الإبلاغ عنها، ويرجع السبب في ذلك في الأغلب إلى أن النساء اللاتي تعرضن لها خشين من العواقب.
وحين تتعرض المرأة العاملة للابتزاز الجنسي فلا خيار لها إلا أن تتجاهل قيمتها الأخلاقية وعفتها؛ لأن أي عاهرة تستطيع أن تحتل مكانها بسهولة إذا هي رفضت الانصياع لرغبات رئيسها الجنسية.
هذا أيها الإخوة والأخوات ما جنته المرأة حين خرجت للحياة العامة، فماذا حققت من وراء ذلك، إنه طريق موحش مظلم تقابله المرأة المسلمة، تقاد وقد تستجيب أحياناً فتلهث وراء السراب تريد أن تذوق طعم السعادة التي ترى أن المرأة الغربية قد نالتها، ويخفى عليها أنها هناك تعاني من ابتزاز وتعاني اقتيادها إلى مذابح الفضيلة والعفاف لتروي نزوات طائشة لمن لا يرون فيها إلا أنها وسيلة لإشباع نهمهم نحو الشهوات.
أيها الأخوات! أيها الإخوة الكرام! هذا هو واقع تلك المرأة التي ترى أن العفاف وأن الحجاب يعطل الحياة العامة، هل نريد أن تقاد مجتمعات المسلمين، وأن تقاد فتيات المسلمين لأن تعيش هذا الواقع الذي تعيشه تلك البلاد التي تقتدي كثير من فتياتنا اليوم بواقع نسائهم؟