وأستأذن الإخوة الأكارم الأساتذة والآباء أن أبسط قليلاً في الحديث؛ نظراً لأن الموضوع يعني بدرجة كبيرة الشباب حتى يكون الموضوع مدركاً للجميع، سواءً الإخوة الحاضرون معنا أو من كان يسمعه من خلال التسجيل.
أيها الشباب! ظاهرة ولا شك تدركونها جميعاً وتسركم، وهي ظاهرة الإقبال الطيب من الشباب على طريق الاستقامة وطريق الخير، فنرى الكثير من الشباب يتوافدون الآن -ولله الحمد- على المساجد، يتوافدون على مثل هذه المراكز، على مثل هذه اللقاءات، قد تغيرت الصورة، أولئك الشباب الذين كانوا في السابق يتزاحمون إلى ملاعب الكرة، أولئك الشباب الذين كان هم أحدهم شهوته ودنياه العاجلة، أصبح يحمل في طياته همة عالية، فلم تعد مشكلة هذا الشاب أنه لا يستيقظ لصلاة الفجر، إنما هو الآن يسعى ويسأل عن الوسائل التي تعينه على قيام الليل، ونراه يحرص ويجتهد على أن يكون له حظ من صيام النوافل.
هذا الشاب قد أصبحت همته عالية، أصبح يتطلع إلى أن يخدم أمته، أصبح يتطلع إلى أن يفتح له باب الجهاد في سبيل الله سبحانه وتعالى، ولعلنا قد رأينا النماذج الكثيرة من هؤلاء، ورأينا النماذج من إخواننا وأحبابنا الذين قضوا نحبهم في أرض الجهاد هناك، هذه الظاهرة ولله الحمد ظاهرة طيبة وتبشر بالخير.
ولكنا نرى أيضاً في أثناء هذه الظاهرة، أن هناك عدداً يحور ويتنكب الطريق بعد أن هداه الله سبحانه وتعالى، فهذا الأمر يتطلب منا وقفة لدراسة مثل هذه الظاهرة والبحث عن أسبابها حتى نقي أنفسنا أولاً، فإن الله سبحانه وتعالى جعل للهداية أسباباً، وجعل للضلالة أسباباً.
فالله سبحانه وتعالى يقول مثلاً:{وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا}[العنكبوت:٦٩]، فالله سبحانه وتعالى يخبرنا أن الجهاد في سبيل الله من الأمور التي تجلب الهداية للعبد، وأن الإنسان إذا جاهد في الله سبحانه وتعالى استحق أن يكافئه الله بالهداية إلى طريقه؛ هذا المجاهد يستحق أن يهديه الله لأنه يريق دمه في سبيل الله حتى ينقذ الناس من الضلال، فيجزيه الله سبحانه وتعالى من جنس عمله.
ويقول الله عز وجل أيضاً في آية أخرى:{وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا * وَإِذًا لَآتَيْنَاهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْرًا عَظِيمًا * وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا}[النساء:٦٦ - ٦٨].