ثامناً: وفي القرآن الكريم أيضاً الوعظ والتأثر به والخوف من الله سبحانه وتعالى لابد أن يقود إلى العمل فينتج رصيداً عمليا: {يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا * وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا * إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلا شُكُورًا * إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا * فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا}[الإنسان:٧ - ١١].
لقد كانوا يخافون من هذا اليوم العبوس القمطرير فماذا كان أثر هذا الخوف وماذا كانت نتيجته؟ لقد دعاهم هذا الخوف وهذا التأثر الذي لمسوه في قلوبهم إلى أن:{يُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا * إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلا شُكُورًا * إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا}[الإنسان:٨ - ١٠] أي: إن الذي دعانا إلى هذا الإنفاق الذي دعانا إلى هذا البذل وهذا العمل إنما هو الخوف من الله سبحانه وتعالى، فالخوف والشعور بخشية الله عز وجل لا بد أن ينتج أيضاً رصيداً عملياً:{وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مِنْ دَابَّةٍ وَالْمَلائِكَةُ وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ * يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ}[النحل:٤٩ - ٥٠].
وقل هذا أيضاً في سائر المشاعر القلبية، فالحب الذي هو شعور من المشاعر القلبية لا بد أن يدفع إلى العمل، فمن يحب الله سبحانه وتعالى لا بد أن تؤثر هذه المحبة فتتحول إلى محبة لما يحبه الله عز وجل من الأعمال، وبغض لما لا يحبه الله عز وجل من الأعمال، ومحبة لمن يحبه الله سبحانه وتعالى ومن يحب الله، اللهم إني أسألك حبك وحب من يحبك وحب عمل يقرب إلى حبك.
والرجاء: إن رجاء رحمة الله عز وجل ومغفرته ورضوانه لا بد أن يدفع صاحبه إلى العمل وإلا كان أمناً من مكر الله سبحانه وتعالى.
وهكذا سائر المشاعر، وسائر ما يجده الإنسان في قلبه من تأثر بما يسمعه من موعظة، أو ما يقرؤه في كتاب الله سبحانه وتعالى لا بد أن يتحول إلى رصيد عملي، وإلا فهي مشاعر غير صادقة، أو قل: إنها مشاعر مرت على الخاطر عاجلة لم تؤت ثمارها.