الوقفة الثالثة حول التلبية: يسن الجهر بالتلبية، فقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال:(أفضل الحج العج والثج) والمقصود به رفع الصوت بالتلبية وإراقة الدم في سبيل الله عز وجل، وحين أحرم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانوا يلبون رفعوا أصواتهم فما بلغوا الروحاء حتى بحت أصواتهم.
إنه مشهد جميل ورائع وصوت شجي وندي يملأ الميادين والأزقة والطرقات معلناً التوحيد لله عز وجل: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك! لكنك ترى المسلم الذي يجهر بالتلبية ويعلنها ويكررها ويرفع بها صوته، تراه حين يعود بعد ذلك إلى بلده يستحي أن يجهر بما ينبغي أن يجهر به، فهو يستحي أن يعلن انتماءه الحقيقي وولاءه لدينه، يستحي أن يصلي النافلة وربما صلاة الجماعة، يستحي أن يترك معاقرة الخمرة، يستحي أن يفعل ذلك أمام الناس وهو الذي كان يجهر بالتلبية لله عز وجل.
إن هذا الشعور الذي يدفع المسلم للجهر بالتلبية ينبغي أن يدفعه إلى أن يجهر بانتمائه وبدينه وأن يعلنها صريحة واضحة أمام الناس: ها أنا مسلم أدعو الله عز وجل وأدعو إليه وأنتمي لدينه، ها أنا مسلم أتعبد لله عز وجل بفعل ما أمر واجتناب ما نهى ولو خالف ما عليه الناس.