إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله.
أما بعد: فعنوان هذا الدرس: (يا فتاة)، وهو حديث خاص من نوع خاص، وله لغة خاصة، إنه حديث نخاطب فيه الفتاة، نخاطب فيه الأم المسلمة أياً كان موقعها ومكانها، وهي وإن كانت فتاة يافعة الآن فهي في المستقبل الأم، وهي البانية لهذا المجتمع، وهي أساس المجتمع، فما أن ترى رجلاً إلا ووراءه أم أو زوجة، وراءه أم رعته وربته وقادته إلى ما صار إليه، أو وراءه زوجة إما أن تكون معينة له ومناصرة له ومؤيدة، أو أن تكون خلاف ذلك وتكون عقبة في طريقه.
وهناك سؤال يفرض نفسه: لماذا الحديث إلى الفتاة؟ ولماذا نخصها بالخطاب؟ إنني أعرف أن الإجابة موجودة لدى أختنا، ولكني أقول: إننا نخاطب الفتاة لأنها أمنا، وهل خرج أحدنا للدنيا دون أم، وهل تنفس الصعداء قبل أن يعيش في بطن أمه أشهراً وبين أحضانها ثنيات من عمره وهي ترعاه وتعاهده، وحين يشب طوقه ويصلب عوده يعود به الحنين فطرة فُطر عليها، يعود به الحنين ليلتصق بشريكة حياته فالمرأة والرجل لصيقان، يبدأ حياته وتاريخه من خلالها، ويودع الدنيا كذلك.