للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أسمعت عن هؤلاء]

الصفحة السابعة: أسمعت عن هؤلاء؟ إنهم فئة من شباب الأمة منّ الله سبحانه وتعالى عليهم بمحبة دينه، والتضحية من أجله، فسافروا وسافرت، وخاطروا وخاطرت، ولكن إلى أين وبم خاطروا؟! لقد سافروا إلى بلاد العجم وقاتلوا في سبيل الله؛ حتى ذهبوا شهداء في سبيل الله عز وجل، ينهانا الله سبحانه وتعالى أن نقول إنهم أموات، {وَلا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لا تَشْعُرُونَ} [البقرة:١٥٤]، {وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُون * فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ * يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ} [آل عمران:١٦٩ - ١٧١].

أرأيت أولئك الشهداء الأبرار الذين قد تكون تعرف واحداً منهم، بل قد يكون أحدهم شريكاً لك في الضلالة والانحراف، ثم منّ الله سبحانه وتعالى عليه، فلم يجد أغلى من نفسه فجاد بها في سبيل الله سبحانه وتعالى، وسافر للجهاد في سبيل الله يوم أن سافرت أنت لتحقق الشهوات واللذات المحرمة، وشتان بين الأمرين، خاطر بنفسه في سبيل الله وهو يستلذ تلك الخطورة، وأكثر ما يواجهه الموت، وهذا ما يتمناه ويريده، بل هذا ما ارتكب المشاق من أجله.

ولكنك أنت خاطرت لارتكاب الجريمة والفاحشة، وللوقوع فريسة الأمراض الجنسية والإدمان على المخدرات التي تقضي على حياتك.

إن هذه هي المخاطر التي ارتكبتها، وهذا هو الطريق الذي وضعت قدمك في أوله، ومن وضع قدمه في أول الطريق، فلابد أن يصل إلى آخره، ما لم يمن الله عليه بالرجعة والأوبة إليه سبحانه وتعالى.

أخي الكريم! هل تتصور أنه من المستحيل أن تكون مثل أولئك؟ ومن هم أولئك؟ ليسوا صحابة ولا تابعين، ولم يعيشوا في عصر السلف، بل عاشوا في العصر الذي عشت فيه، عاشوا في عصر الفتن والشهوات، وتعرضوا لما تعرضت له، وبعضهم قد مارس مثلما مارست، بل قد يكون أسوأ من الحال التي أنت عليها، وبعد ذلك منّ الله عليهم بالهداية؛ حتى قضوا نحبهم في سبيل الله، وهم يقولون للأجيال من بعدهم: هانحن نضيء الطريق لكم بدمائنا وبأرواحنا، فسيروا فإن الجنة تنتظر الشهداء.