وأنا سأشير إلى بعض الأمور التي ينبغي أن يسلكها الشاب إذا لم يستطع الزواج: أولها وأهمها: الإيمان بالله سبحانه وتعالى، والصلة به عز وجل.
إن الإيمان أيها الإخوة! هو الضمانة لوقايتنا من الانحراف، إن المرء وحينما يؤمن بالله سبحانه وتعالى، حينما يترقى في مراتب الإيمان والدين حتى يصل إلى أن يعبد الله كأنه يراه، فإن لم يكن يراه فهو يعلم أن الله عز وجل يراه، حينما يصل إلى هذه المرتبة فإن هذا الإيمان سيصرفه عن الكثير من هذه المعاصي.
وقوله صلى الله عليه وسلم:(لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن) دليل على أن المرء لا يقع في مثل هذه الأمور إلا عن ضعف إيمانه وصلته بالله سبحانه وتعالى.
إنه أيها الإخوة! حينما يتصل بالله سبحانه وتعالى، وحينما يملأ قلبه بالشوق إلى الله عز وجل، وبمحبة الله سبحانه وتعالى، وبالتضرع إليه، وباللجوء إليه، فحينئذٍ لا يتعلق قلبه في هذه الدنيا بشيء غير الله سبحانه وتعالى، وحينئذ يتحقق فيه وصف النبي صلى الله عليه وسلم في قوله:(ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان).
وحين يجد العبد حلاوة الإيمان، وحين يجد لذة الإيمان، وطعم الإيمان، والصلة بالله سبحانه وتعالى لا يمكن أبداً أن ينصرف قلبه إلى غير الله عز وجل، ولا أن يتوجه إلى غير الله سبحانه وتعالى، فضلاً عن أن يتوجه إلى هذه المعاصي التي يدرك شؤمها عليه في الدنيا والآخرة.
ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في دعائه:(وأسألك لذة النظر إلى وجهك، والشوق إلى لقائك، في غير ضراء مضرة، ولا فتنة مضلة)، فقد سأل الله عز وجل أعلى نعيم الآخرة، وهو رؤية الله سبحانه وتعالى، ثم سأله أعلى نعيم الدنيا وهو الإيمان، والشوق لله سبحانه وتعالى، وهذا الجزاء مترتب على ذاك العمل.
يقول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث الرؤية حين يكشف الله سبحانه وتعالى الحجاب عن وجه:(فلا ينصرف أهل الجنة إلى شيء من النعيم)؛ لما يرون، فهم قد منعوا أبصارهم، وحجبوا أبصارهم عن النظر إلى غير وجه الله سبحانه وتعالى، فكان هذا الأمر نتيجة لأنهم حجبوا قلوبهم في الدنيا عن التعلق بغير الله، وعن التوجه لغير الله سبحانه وتعالى.
أيها الإخوة! حينما يعمر الإيمان قلب العبد، وحينما يأنس بعبادة الله، وطاعة الله سبحانه وتعالى؛ فإنه يجد اللذة والراحة بطاعة الله عز وجل، ويجد حلاوة الإيمان ولذة الإيمان، حينئذٍ لا تتوجه نفسه لمثل هذه التوافه، ولا تحدثه، وحينئذٍ لا يطمع فيه الشيطان.