الصفحة الثلاثون: لمن تمنح ولاءك: يقول الله عز وجل: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ * وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ}[المائدة:٥٥ - ٥٦].
إن هذه الآية خطاب للمسلمين جميعاً: للصالح وغيره، للتقي والفاجر، للمؤمن المحافظ والفاسق المفرط، إن شأنها شأن سائر النصوص الشرعية خطاب للجميع، فهي دعوة للجميع أن يكون وليهم المؤمنين، وأن ينخرطوا في حزب الله سبحانه وتعالى ويتولوا المؤمنين، إننا ندعوك من خلال تجارب قد تكون قد مرت عليك، فقد تكون مثلاً: تشجع نادياً رياضياً وتمنح له ولاء، هذا الولاء يفرض عليك أنماطاً كثيرة من السلوك والتعامل، فأنت مثلاً: تحب هذا اللون؛ لأنه يذكرك بهذا النادي، وتكره ذاك اللون؛ لأنه يذكرك بالنادي الآخر، وأنت قد تحب فلاناً؛ لأنه يلعب في هذا النادي، وتكره فلاناً، وتستولي عليك مشاعر عالية من الفرح لتحقيق الانتصارات، ومشاعر أخرى من الحزن والقلق للخسائر والتراجعات، اسأل نفسك هذا
السؤال
ألا تمنح هذا الولاء وتسخر هذا الولاء لمن يستحقه؟ ألا ترى أن هذا من قصر الاهتمامات ودنو الهمة؟ من حقك أن تمارس الرياضة بضوابط مشروعة، ومن حقك أن تفعل ما تراه جائزاً شرعاً، ولكن أن يكون ولاؤك مربوطاً بهذه الأمور فهذه قضية أخرى.
فاحرص يا أخي! أن يكون ولاؤك للإسلام، وأن تتفاعل مع قضايا الإسلام ومع مشكلات المسلمين المستضعفين، وأن تتفاعل مع الدعوة ومع قضايا الدعاة، ولو على الأقل أن تسمع الأخبار وتتطلع الأخبار، وقد تقول لي: لا أجد مصادر لذلك، فأقول لك: إن هذا كلام غير صحيح، فأنت مثلاً: قد تشجع النادي الفلاني فتعرف ذاك اللاعب وتاريخه وأين ولد وأين نشأ، وتعرف كل ما يتعلق بذلك؛ لأن القضية باختصار تهمك وتعنيك، ولو طرحت على بعض الشباب سؤالاً فقلت له: ما أكثر ما تحفظه: أسماء اللاعبين، أو أهل الفن، أو غيرهم ممن تمنح لهم ولاءك، أو أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم؟ لأجابك بالجواب الأول.
إذاً فكيف استطعت أن تحصل على هذه المعلومات؟ وكيف استطعت أن تعتني بها؟ إنك ترى مثلاً: بعض الشباب كثيراً ما يكتب على دفاتره وكتبه الدراسية ومفكرته بعض الأسماء التي يتعلق بها، وقد تكون أسماء بعض المطربين الساقطين، أو أسماء أخرى لغرض أو لآخر، إنها تعبر عن رمز للولاء، فنحن نريد أن يتحول ولاؤك إلى ولاء آخر، أن يتحول ولاؤك للدين والإسلام حتى ولو كنت صاحب معصية وصاحب فسق وصاحب فجور، إن هذا ليس مسقطاً لهذا الواجب الشرعي عنك.