للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[خطورة إهمال تربية الأبناء]

الإهمال: ألا تشعر يا أبت! أن واجب التربية يفرض على المربي المتابعة لابنه، ومعرفة مدخله ومخرجه، فما نصيبك أنت يا أبت من ذلك؟ إنك لا تعرف أحداً من أصدقائي اللهم إلا عن طريق الصدفة، وأما أين أذهب؟ وكيف نقضي أوقاتنا؟ وماذا نمارس؟ فهذا ما لا تعلم عنه شيئاً.

إن هذا السلوك التربوي والذي يكون دافعه الإهمال، أو الثقة المفرطة أحياناً، إن هذا السلوك يريح الابن، ويفتح له الباب على مصراعيه، ولكن نهايته يا أبت! لن تكون محمودة العاقبة، ولا مطمئنة النهاية، إنني حين أدعوك يا أبت! إلى المتابعة والملاحظة فلست أدعوك إلى أن تكون كوالد زميلي في الفصل، والذي يحدثني عن نفسه يا أبت! أن والده يفرض عليه رقابة صارمة، فلا يسمح له بالخروج من المنزل، ويشك في تصرفاته، ولابد أن يراه في المسجد وإلا فهذا يعني أنه لم يؤد الصلاة، ويقوم بتفتيش غرفته الخاصة، وأحياناً يتنصت على مكالماته الهاتفية، وتصور يا أبت! أنه قد قام بقياس المسافة بين منزله وبين المدرسة؛ ليعرف هل سار بسيارته إلى شيء آخر.

إن هذا الأسلوب يا أبت! يخرج ابناً محطماً لا يثق بنفسه، ولا يتعامل مع الآخرين، وحين تتاح له الفرصة فسينطلق دون قيد أو وازع، فحين ينتقل إلى الجامعة ويجاوز القرية فسينفتح على عالم لن يجيد التعامل معه، بل افترض أن والده قد مات، فماذا ستكون حاله بعد ذلك؟ فالتوسط هو سنة الله في الحياة يا أبت! فالإهمال أمر مرفوض، والرقابة الصارمة والقسوة هي الأخرى مرفوضة كذلك.