للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بناء الرجال وتربيتهم معرفياً وعملياً

ومن ذلك بناء الرجال وتربيتهم جدير بمن يرعى الشباب ويربيهم أن يعنى ببناء سمات الرجولة وأن لا يقتصر الأمر على خطاب الوجدان وحده، إن جيل الصحوة اليوم جدير به أن يكون قدوة للناس، وأن يتسم بما يتسم به الرجال الأكارم، وأن يثبت للمجتمع أنه أهل لأن يعتمد عليه وتعلق عليه الآمال بعد الله، وبناء الرجال المنتظر من المربين يبدو على مستويين: الأول: المستوى المعرفي من خلال إبراز مفاهيم الرجولة وتقديمها نموذجاً للجيل يسعى إليها ويتطلع لها ويسير إلى تحقيقها في نفسه وتحقيقها في دنيا الناس، ومن خلال تصحيح النظرة الخاطئة والمفاهيم السلبية عن الرجولة.

الشباب لديهم حاجة يسعون إلى تلبيتها لديهم حاجة يريدون أن يصبحوا رجالاً يريدون أن يعدهم الناس رجالاً، إن هذه الحاجة قد تلتبس لديهم بمفاهيم خاطئة فيعتقدون أن سبيل تحقيق الرجولة هو في تصلبهم في مواقفهم هو في وقوفهم ضد من يصفونه بأنه سلطة غاشمة من أب أو أم أو معلم أو أستاذ إن تصحيح هذه المفاهيم وفتح آفاق للرجولة الحقة مما يعين على بناء الرجولة عند هؤلاء.

وهي أيضاً تحتاج أن تبنى على مستوىً عملي يتمثل في بناء سمات الرجولة وتحقيقها في النفوس واستثمار كافة الوسائل والميادين التربوية وتحقيق ذلك، وهذا الأمر يتطلب من المربين وبناة الرجال أن يسعوا إلى إعطاء الشباب الثقة بأنفسهم إن الشباب الذين يشعرون أنهم ليسوا أهلاً للثقة الذين لا يولون المسئوليات الذين يشعرون أن المجتمع ومن حولهم لا يزال يعدهم أطفالاً فيسعون إلى إثبات رجولتهم، ومن حقهم أن يسعوا إلى إثبات رجولتهم، لكنهم حين يسعون في غياب توجيه أولئك الذين شعروا أنهم لا يثقون بهم فسوق يضلون الطريق ويسعون إلى إفساده بوسائل تقصيهم عن الرجولة وتبعدهم عنها.

إن الشباب بحاجة إلى أن تفتح لهم المجالات العملية والميادين التي يعملون من خلالها التي ينتجون من خلالها التي يتحولون من خلالها يتحولون من أن يكونوا قوة مزعجة للآخرين أن يكونوا أمة مثيرة للقلق والخوف إلى أمة منتجة أمة تسر آباءهم وتسر أمهاتهم وتسر المجتمع، نعم، إن من واجب المصلحين وبناة الرجولة أن يفتحوا المجالات العملية فالرجولة لا يمكن أن تبنى من خلال التوجيه والحديث، ولا يمكن أن تبنى من خلال اللوم والتأنيب، ولا يمكن أن تبنى من خلال خطوات نعدها أمام الناس ونقول لهم: هذه هي خطوات الرجولة فعليكم أن تسلكوها إنهم بحاجة إلى ثقة داخلية بحاجة إلى أن يشعروا أنهم أهل للثقة بحاجة إلى أن يشعروا أن المجتمع يعدهم رجالاً يعدهم حقاً وليس في مقام المخاصمة إننا حين نخاصم الشباب نحدثهم بأنهم رجال، لا نحدثهم شهادة وتزكية وثناءً إنما نحدثهم لوماً لهم على موقف خالفناهم فيه، وهذا لا يكفي في إشعارهم بالثقة ولا يعطيهم الثقة، إنهم بحاجة إلى ذاك الحديث الذي ينبع ابتداءً دون أي مؤثر آخر الذي يشعرون أنه يقال لهم دون أي دافع يقال لهم دون تمهيد للمطالبة بمطالب لم يلتزموا بها فيشهر في وجههم سلاح الرجولة، وهم بحاجة إلى أن تفتح لهم مجالات عملية في الأسرة في المنزل في المدرسة في المجتمع هنا وهناك، مجالات تدعوهم إلى أن يثبتوا رجولتهم مجالات تحولهم إلى أمة عاملة منتجة.

أيها الرجال الكرام! أيها الشباب! كما قلت في بداية حديثي: لست أتحدث في هذا المقام المبارك مع الرجال لأطالبهم بأن يكونوا رجالاً وحاشا لله، ولست أذكر الرجال بسمات الرجولة ومعالم الرجولة لأعيبهم لأنهم لم يتمثلوها، إنما هو حديث أملاه هذا الواقع الذي نعيشه اليوم والذي غابت فيه كثير من معاني الرجولة فصرنا بحاجة إلى أن نحدث عنها لنسعى إلى تحقيقها في ديننا ولدى أبنائنا.

أسال الله عز وجل أن يجعلنا وإياكم من الرجال الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه، وأن يجعلنا وإياكم من الرجال الذين يحبون أن يتطهروا والرجال الذين لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يوماً تتقلب فيه القلوب والأبصار.

فأقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.