للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تنبّه الآباء لفتن العصر التي تواجه الشباب

الفجوة الحضارية: لقد عشت يا أبت! في جيل وعصر له ظروف وملابسات، وقد تبدلت الأحوال وتقلبت الأمور بعده، فها نحن في عصر جديد تختلف موازينه وقيمه، لقد عشت يا أبت! في قريتنا العامرة حرسها الله، عشت وبصرك لا يتجاوز أسوار القرية، وغاية ما تتعرض له من فتنة يا أبت! أن ترى امرأة قد ارتدت عباءتها، والتصقت بالحائط حتى أثر الحائط في جنبها.

وأما أنا يا أبت فحين أخرج من المنزل تقابلني وهي يفوح العطر منها، وقد أبدت مفاتنها، وأخرج بعد ذلك إلى المدرسة فأسمع من زملائي من الأحاديث ما يثير الغافل، ويوقظ الساهي، وأعود إلى المنزل فأراها أمامي على الشاشة فاتنة ساحرة تتكسر وتتغنج، وحين أذهب إلى المحل التجاري أرى المجلات وقد زينت أغلفتها بهذه الصور، وأما جهاز الفيديو فلا يخفى عليك با أبت! ما فيه، ويجهز بعد ذلك على ما بقي جهاز الاستقبال، الذي أصبح يعرض أمام ناظري قنوات العالم بأسره.

هذا ما أواجهه يا أبت! وما أعاني منه، فهل لازلت بعد ذلك يا أبت! تعاملني بعقلية العصر الذي عشت فيه؟! سارق العمر: وبعيداً عما قلته يا أبت! في الصفحة السابقة فأنت قد بلغت أشدك، وأنا لا زلت شاباً مراهقاً، وأنت متزوج من اثنتين، وأنا لازلت أعزب، فتجلس معي أمام شاشة التلفاز، فيثيرني ما لا يثيرك، ويحرك مشاعري ما لا يحرك لديك ساكناً، فهلا فكرت يا أبت! وأنت ترى ما أنا عليه، بل وحتى وأنت تقيِّم أعمالي وأخطائي هل فكرت في سني ومبلغي من العمر؟!