إن الكثير من الشباب يضع أمامه خيارين لا ثالث لهما: الخيار الأول: أن يتوب، ويترك المعصية، ويكون مع الناس الصالحين الأخيار، وهذا لا شك هو المطلوب.
الخيار الثاني: حين يفشل في هذا فإنه يبقى على المعصية دون أي وازع، ودون أي مانع، ويرى أنه لم يبق أمامه خيار ثالث.
إن هناك خياراً ثالثاً، ومع ذلك فهذا الخيار لا يعني أن نتنازل عن الخيار الأول الذي هو الأصل وهو ترك المعصية وتوديعها، والتوبة الصادقة النصوح إلى الله سبحانه وتعالى، لكن هب أنك فشلت ولم تستطع أن تتوب، ستكون في هذه الفئة، فكل مسلم قادر على أن يسلك هذا الطريق، وما كلف الله عز وجل الإنسان إلا ما يطيق، وهب أنك لم تستطع ذلك، فلماذا تجاهر بالمعصية، وأنت تعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم يقول:(كل أمتي معافى إلا المجاهرين)؟ إنك تفعل المعصية بالليل بينك وبين نفسك لا يعلم عنها أحد، وربما لا يعلم عنها إلا شريكك في المعصية، فما بالك إذا أصبحت تلقى زميلك في المدرسة فتخبره بما عملت وما صنعت؟! أنك تدعي أنك لا تستطيع التخلص من تلك المعصية، ولو فرضنا جدلاً أنك كذلك، أفلا تستطيع أن تتخلص من المجاهرة بالمعصية؟ ألا تستطيع أن تبقى معصيتك سراً بينك وبين الله سبحانه وتعالى؟ فإن ذلك أدعى إلى توبتك وإقبالك على الله سبحانه وتعالى.
ثم إن الذي يجاهر بالمعصية حين يهم بالتوبة بعد ذلك تثقل عليه، ويصعب عليه أن يسلك طريقها؛ لأنه أصبح مشهوراً بين الناس، ومشهوراً بين زملائه وأقرانه بالسوء والفساد، وهو الذي جنى على نفسه.
ومما يتعلق أيضاً بالمعصية أنك حين تفعل المعصية فلماذا لا تقتصر على نفسك؟ لماذا تدعو غيرك إلى المعصية؟ ولماذا تسعى إلى تسهيل المهمة لغيرك؟ فأنت أحياناً تتحدث مع زميلك، بل كثيراً ما تتحدث مع زميلك، فتخبره ماذا فعلت بطريقة تمارس فيها دعاية بالمجان لهذه المعصية، بل ربما تدله على الوسيلة التي يمكن أن تعينه على فعل المعصية، وربما وظفت نفسك مستشاراً دون مقابل على أسباب ووسائل الاحتيال على تحصيل المعصية.
أليست هذه دعوة للمعصية والفساد؟ ألا تخشى أن ينطبق عليك قول النبي صلى الله عليه وسلم:(ومن دعا إلى ضلالة، كان عليه من الوزر مثل أوزار من تبعه، لا ينقص ذلك من أوزارهم شيئاً)، وأن ينطبق عليك قول الله عز وجل:{وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلا سَاءَ مَا يَزِرُونَ}[النحل:٢٥]؟ ألا تخشى أن تأتي يوم القيامة وأنت تحمل وزرك على ظهرك ووزر من أضللته؟ قد تقول مرة أخرى: إن لك مبرراً وعذراً في فعل المعصية، ولكن ما العذر والمبرر أن تدعو غيرك للمعصية، وتسهلها عليه؟