للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[المراد بتذوق الجمال المطلوب]

السؤال

لقد أشرتم في مقدمة حديثكم أن من لم يشعر بالجمال ويتذوقه، أنه إنسان فاقد للعاطفة، وفي نظري أن هذا الإطلاق غير مناسب، فهو يفتح باباً أمام أرباب الهوى والشذوذ ليتمتعوا بالجمال فيما حرم الله، أرجو من فضيلتكم تقييد هذا الإطلاق، فهو حقيق بالتقييد؟

الجواب

أولاً: أرجو أن يرتفع مستوانا في الفهم، فلا نجلس لنحاكم العبارات إلى مثل هذا، وهذه من المشكلات التي كثيراً ما توصم بها أخطاء الناس، فما أحد منكم يتصور، ولا أحد حتى من أرباب الهوى -وهو يسمع كلامي- يتصور أنني أقصد أن من لم يحب فتاة رآها في الشارع، أو غير ذلك، أنه فاقد للإحساس، لا أحد يتصور هذا، وإذا تصور فالخطاب إنما هو للعقلاء وحدهم، والعقل من شروط التكليف.

فأنا أقول: أولاً: يجب أن نهون على أنفسنا، ولا نبدأ نقيد كل عبارة نقولها وكل كلمة، فأنا أشعر بأن السياق، والشخص الذي يقول الكلام، والمناسبة، كل ذلك يدل على المراد وأنا أقصد -وكلامي واضح- أن الشخص الذي لا يتذوق الجمال يعني الشخص الذي عندما تضعه في روضة غناء، وأزهار، وقت الأصيل، أو وقت البكور، أو تضعه على سفح جبل في عاصفة هوجاء، يكون المكانان عنده سيان، يعني: لا شك أنه شخص فاقد الإحساس بالجمال، وشخص شاذ تفكيره، هذه وجهة نظري ورأيي، فإذا كنت ترى رأياً آخر فهذا من حقك.

أما أرباب الهوى، فلهم شأن آخر، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله جميل يحب الجمال)، وأقر من أحب أن يكون ثوبه حسناً، ونعله حسنة على ذلك، وكان عمر رضي الله عنه أتى له بحلة يتجمل بها للوفود صلى الله عليه وسلم، فالجمال وما يتعلق به أمر فطرت النفوس عليه.