أمر ثالث: المتغيرات الجديدة وهي تنذر بمستقبل لا يعلم حاله إلا الله عز وجل، في ظل عصر العولمة، وعصر الانفتاح على العالم الآخر، ستزول خصوصية المجتمعات المحافظة، المجتمعات المنغلقة، المجتمعات المتدينة، ستنفتح على العالم الآخر بكل ما فيه.
إن مجتمعاتنا اليوم تعيش انفتاحاً على المجتمعات الأخر من خلال التواصل المباشر عن طريق السفر والاحتكاك بالمجتمعات الكافرة والمجتمعات الغربية، أو من خلال وسائل الاتصال والمواصلات، لكن هذا الاتصال سيصبح بالنسبة لما يستقبل سيصبح لا شيء، فسيصبح الإنسان وهو في غرفته في قرية منعزلة ليس بينه وبين أن ينفتح على العالم بكل ما فيه من ثقافة، أو ملة، أو نحلة، أو دين، ويخاطب أي رجل، ويتعامل مع أي مجال وباب من أبواب الشهوات أو الشبهات؛ ليس بينه وبين ذلك إلا مجرد ضغطة زر، فالحاسب الآلي سينفتح على هذا العالم.
ومع اتجاه العولمة والانفتاح ستذوب هذه الفوارق، فتصبح سيطرة المجتمعات ومحافظتها أقل مما هي عليه من ذي قبل، بل ستصبح سيطرتها محدودة في ظل هذا السيل الجارف من الغزو العالمي، إن في البعد الثقافي للعولمة وخطورته، أو في البعد الاجتماعي والذي ينادي أول مبادئها بالتحرر من القيم والأخلاق والروابط الاجتماعية.
مبدأ الأسرة مبدأ غير وارد في ثقافة العولمة، الأسرة يمكن أن تكون من ذكر وأنثى، الأسرة يمكن أن تكون من ذكرين، الأسرة يمكن أن تكون من أنثيين، أي إنسان حر في أن يختار نوع العلاقة ونوع الأسرة التي ينشئها، الإنسان حر في أن يتصرف ويفعل ما يشاء، هذه من أبسط المبادئ مبادئ العولمة الجديدة التي ستكتسح بلاد ومجتمعات المسلمين.
أيضاً: الجانب الاقتصادي، وخلفياته وآثاره: الجانب الاقتصادي سيؤذن بمزيد من الانفتاح على الشركات الأجنبية، والشركات العالمية، وسيحتك المسلمون بالآخرين والمجتمعات الأخرى، لن تكون هناك قيود على حركة الأفراد، لن تكون هناك قيود على حركة السلع، وما يصاحب النشاط الاقتصادي من حركة الإعلان والدعاية، والتي لا تخلو من قيم، ولا تخلو من معان وافدة تعكس ثقافة وقيم المجتمعات التي نشأت فيها، أيضاً هي الأخرى سوف تغزو مجتمعات المسلمين المحافظة البعيدة عن هذا العالم.
آثار الوضع الاقتصادي الجديد على واقع دول العالم الإسلامي وهي تعيش في منظومة دول العالم الثالث، وضعف الفرص التنافسية للمجتمعات والأفراد في ظل هذا الغزو الاقتصادي، هذه الآثار ستولد متغيرات اجتماعية ومتغيرات ثقافية جديدة.
زوال القيود على حركة الثقافة والمطبوعات وما يتعلق بها، كل هذه الأمور تؤذن بتحول وتغير جديد، ولئن عاشت -مثلاً- بلاد الخليج تحولاً مع اكتشاف النفط، فإنها ستعيش تحولاً لا يقارن مع عصر العولمة العصر الجديد.
أقول أيضاً: هذا مما يزيد اليأس عند طائفة من الناس، فالواقع فيه فساد، الاتجاه يسير نحو الفساد، المتغيرات المتوقعة في المستقبل تؤذن بفساد أوسع وأكبر.