لقد مرت على مراكز العلم وحلقه ودروسه حالة من الجفاف، حالة من الفقر، كادت الأمة فيها أن تنسى العلم الشرعي، فما لبث هؤلاء الشباب، وما لبث هذا الجيل المبارك أن يقبل ويتوافد على حلق العلم وأن يحييها، وإذا أردت مصداق ذلك فاذهب يمنة ويسرة، وتأمل في حلق العلم من هم روادها؟ من هم الذين يثنون ركبهم في حلق العلم؟ في وقت يتوافد فيه أترابهم وأقرانهم على أماكن اللهو والمتعة واللعب، في وقت يدعوهم الناس فيه إلى الشهوات، إلى أن يسعدوا باللهو واللعب، ومع ذلك يضحي هؤلاء ويتركون لذة الفراش والنوم، يتركون لذة اللهو واللعب ليثنوا ركبهم أمام المشايخ وأمام حلق العلم يتعلمون العلم بل يقطعون المسافات لذلك.
وها نحن نرى بحمد الله الدراسات الشرعية، والكليات الشرعية تشهد إقبالاً واسعاً منقطع النظير من هذا الجيل، بعد أن مرت بالأمة مرحلة يستحي الطالب فيها أن يقول: إنه يدرس في كلية شرعية بعد أن مرت مرحلة كان يرى المسلمون وللأسف أنه من العيب ومن النقص في الشاب أن يدع سائر التخصصات ويقبل على العلم الشرعي.
إن رواج حلق العلم وقيام سوق التخصصات الشرعية في الجامعات في مشرق العالم الإسلامي ومغربه، ورواج الكتاب الإسلامي وانتشاره، بل كون الكتاب الإسلامي هو أكثر الكتب رواجاً وانتشاراً في العالم العربي كله، إن هذا دليل على إقبال الناشئة على هذا العلم الشرعي، وعلى أن هؤلاء وبحمد الله قد أحيوا هذه السنة وقد أقبلوا يتوافدون على هذا العلم، وهو لا شك أمارة وعلامة على أن الأمة سائرة نحو المنهج الحق، وعلى أن هذه الدعوة المباركة سائرة على المنهج الصحيح وفي الطريق إليه؛ لأن الناس حين يقبلون على علم الكتاب والسنة، فإن هذا بإذن الله عنوان عصمتهم من الأهواء والفتن والصوارف والضلال.