للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[توجيه الشباب الملتزمين المهتمين بالرياضة ومشاهدتها]

السؤال

ظهر في فئة من الشباب الملتزمين الاهتمام بالرياضة ومشاهدة المباريات الكروية، فما هو التوجيه لهذه الفئة التي جعلت هذا اهتمامها؟ وسؤال آخر: يقول: ماذا تريد منا يا شيخ! هل نترك التشجيع؟ هل نترك جلسات السواليف في العطل ونحن غير مشغولين، في النهار فراغ وفي الليل فراغ؟ أرجو أن تعطيني جواباً يشفي أمراضاً كثيرة نعيشها نحن الشباب ومدارها على الفراغ يا شيخ! خاصة في العطل؟

الجواب

أقول: أولاً: لن أقول لك: أدرك قيمة وقتك، ولن أقول لك: إنك محاسب على وقتك، وستسأل أمام الله عز وجل عن كل دقيقة، وأنه لن تزول قدمك يوم القيامة حتى تسأل أمام الله عن هذا الوقت.

ولن أقول لك: إنك في المستقبل ستندم على هذا العمر الذي قضيته، وستندم على هذا الفراغ الذي أنت الآن تشتكي منه، وتتمنى في المستقبل وقت فراغ ولو لحظات تستفيد منها، وتتمنى ساعة فقط حتى تستفيد منها، حتى تقرأ، حتى تعود إلى الله، لن أقول لك ذلك كله؛ لأنه ليس مهماً، لكن لا شك أنه أهم شيء، لكنك تعرفه جيداً وتدركه، ولو فكرت تفكيراً جاداً وبإنصاف؛ لعرفت أنه لا يحق لك أنك تشتكي من الفراغ، بل تتمنى فراغاً أكثر؛ حتى تستفيد وتستثمر وقتك فيما ينفع.

لكن أنقلك إلى صورة أخرى: أنت الآن تعيش هذا الواقع القريب منك والبعيد، المجتمع الذي أنت تعيش فيه، والمرحلة التي تعيشها الأمة الإسلامية، الآن كلكم توافقون أن الأمة الإسلامية الآن تعاني أسوأ المراحل التي مرت بها في التاريخ، وهي الآن في ذيل القائمة.

ففي الشرق تجد المشاكل التي يعاني منها المسلمون هناك، في الهند مع الهندوس، وفي كشمير، وفي أفغانستان، في طاجكستان، في الجمهوريات التي استقلت.

وتأتي إلى ما يسمونه بالشرق الأوسط فترى المعاناة، وأعظم معاناة أن نرى المسجد الأقصى الذي يشرع شد الرحال إليه بيد اليهود، ونجد من يريد أن يساوم على التخلي عن هذه البقعة المقدسة، وتجد المسلمين أيضاً داخل هذه البقعة يعانون ما يعانون من قضايا تسمعون عنها كثيراً، وما الحديث عن الإرهاب والتطرف والأصولية ببعيد عنكم.

وانتقل إلى الغرب، انتقل إلى أوروبا، إلى أمريكا، إلى أي مكان وموطن في قارات العالم تجد المعاناة، إما تقتيل، أو تشريد، أو جوع، أو تنصير، أو صد عن دين الله، أو إثارة للشهوات.

ألا تدري أنه في مناطق كثيرة في العالم الإسلامي يجر الشاب إلى المحاكمة عندما يخرج إلى صلاة الفجر؟! ألا تدري أن علامات استفهام توضع على الفتاة عندما تذهب إلى الجامعة وقد ارتدت الحجاب؟! ألا تدري أن فتيات منعن من دخول الجامعة في كثير من البلاد الإسلامية نظراً لأنها محجبة؟! ألا تدري أن القضية طالت حول أحقية دخول الطالبة المحجبة كلية الطب؛ حتى وصلت إلى أن تعرض على مجلس النواب؟! ألا تدري أن هناك برامج ومواثيق وعهود يتفق عليها الكثير من هؤلاء لأجل قضية واحدة هي حرب الإسلام، حرب الصحوة، وأدها، صد الناس عن دين الله وفتنتهم؟! ثم تعال الآن قريباً في المجتمع الذي أنت تعيشه، كم ترى من الشباب من أقرانك في السن الذي أنت فيه الآن موجود في هذا المركز، فأنت تقضي فيه هذا الوقت أو في هذه المحاضرة وتجد من الشباب من له هم آخر، من أصبح غارقاً في شهوته، أنت تأتي للمسجد لصلاة الظهر، وهو يذهب ليقف عند مدارس البنات، أنت قد تقوم الليل تتهجد في الثلث الأخير من الليل، وهو مستيقظ في الليل؛ لكن لشأن آخر، فلك هم وله هم آخر.

فهذا الواقع المر الذي يعاني منه الناس حولك بالله عليك ما يحرك فيك ساكناً؟ ما يجعلك تنظر إلى وقتك نظرة أخرى؟ فهل يليق أن تقضي وقتك -مع الاعتذار الشديد- تطعيساً، أو من هنا ومن هنا، أو الاهتمام بالكرة، أو غيرها، وأنت ترى هذا الواقع المر الذي يعاني منه المسلمون، سواء الواقع القريب أو الواقع البعيد؟ أضف هذا كله إلى ما ذكرته لك في أول الإجابة عن السؤال، فتجد أنه ليس من حقك يا أخي! أن تفكر بهذا التفكير، فضلاً عن أن تتصور أن الفراغ مشكلة.