يا فتاة لقد رأيته في السوق، وعند بوابة المدرسة، وسمعت صوته عبر جهاز الهاتف، وربما التقيت معه وسمعتِ الألفاظ المعسولة، والكلمات التي تسيل رقة وعاطفة مصحوبة بالأيمان المغلظة على صدق المحبة وعمق المودة، وربما كانت يده قد خطت رسالة لكِ تفيض بمعاني العشق والغرام، وربما دار في خاطركِ أن هذا زوج المستقبل.
يا فتاة بعيداً عن العاطفة وعن سرابها الغادر، كوني منطقية مع نفسكِ واطرحي هذا السؤال ماذا يريد؟ ما الذي يدفعه لهذه العلاقة؟ إن الصراحة خير من دفع الثمن الباهظ في المستقبل، ماذا يقول لزملائه حين يلتقي بهم؟ وبأي لغة يتحدث عنكِ؟ إنني أجزم يا فتاة أنكِ حين تزيحين وهم العاطفة عن تفكيركِ فستقولين وبملء صوتكِ: إن مراده هو الشهوة، والشهوة الحرام ليس إلا.
يا فتاة ألا تخشين الخيانة؟ أترين هذا أهلاً للثقة؟ شاب خاطر لأجل بناء علاقة محرمة، شاب لا يحميه دين أو خُلق أو وفاء، شاب لا يدفعه إلا الشهوة أولاً وآخراً، أتأمنينه على نفسكِ بعد ذلك؟ لقد خان ربه ودينه وأمه، وأنتِ يا فتاة لن تكوني أعز الناس لديه، أنتِ لن تكوني إلا طعماً سرعان ما يحقق مقصوده لتبقي بعد ذلك لا سمح الله صريعة الأسى والحزن والندم.
يا فتاة هبي أنكِ قد بنيت علاقة مع فلان من الناس، وزادت المودة، وقويت العلاقة حتى صار خليلاً تبثينه الأشجان وتخشين لفراقه وتحزنين لوداعه، ولكن ألم تحدثي نفسكِ يوماً من الأيام بالمستقبل؟ ألم تسمعي أن هناك من ندم أشد الندم، وتمنى أنه لم يعرف فلاناً أو لم يعرف فلانة؟ ألم تسمعي أن هناك من تمنت أن فلاناً لم يمر طيفه بخاطرها وخيالها؟ من تمنت أنها لم تسمع صوته، أنها لم تخرج إلى تلك الدنيا كلها، والتي كانت سبباً في معرفته؟ وحين لا ينفع الندم في هذه الدار فقد يأتي يوماً تقولين فيه:{لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلانًا خَلِيلًا * لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلإِنسَانِ خَذُولًا}[الفرقان:٢٨ - ٢٩].