للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[إياك وإضلال الناس]

الصفحة الخامسة والعشرون: إياك وإضلال الناس.

هذه صورة تتكرر كثيراً، فتجد شاباً مستقيماً محافظاً على أوامر الله عز وجل خير تربى تربية محافظة، وولد من أبوين مسلمين محافظين عليه، وبعد فترة يتغير، وكثيراً ما يقال: من صاحب من الناس؟ إذاً نستطيع أن نقول: إن فلاناً من الناس هو الذي أضله؛ نتيجة أنه صاحبه، فلماذا أنت تسلك هذا الأسلوب؟ فأنا أتصور أنك مقتنع قناعة تامة بأنك تسير على طريق خاطئ، ومقتنع أن طريقك طريق غير شرعي، فلماذا تتسبب في إضلال الناس وإضلال الآخرين؟ فأنت عندما تأتي وتأخذ فلاناً من الناس الذي كان ما يقع في المعصية، وصاحبته أنت وعاشرته ولازمته فأوقعته في الفساد والمعصية فأنت تسببت في إضلاله وإيقاعه في المعصية.

فقد تضله بالمصاحبة وقد تضله بطريقة أخرى، فأنت تدله على الطريق المثلى في المعصية، فتهدي إليه صورة، أو تهدي إليه فيلماً، أو تهدي إليه مجلة، وتدله بطريقة أو بأخرى على طريق المعصية، وتهون عليه أمر المعصية بأي وسيلة، فتكون أنت قد ساهمت في إيقاعه في المعصية بصورة أو بأخرى، وقد تكون قصدت ذلك وقد تكون لم تقصد، لكن لأجل أنك تعرف النتيجة وتعرف النهاية فأنت السبب، فعندما تأخذ فلاناً من الناس أو ابن فلان معك وتصاحبه وتعرف أنت إلى ماذا سيصير، وتعرف أنت النهاية عندما تهدي لفلان هذا الفيلم، أو تقص عليه هذه القصة، أو تعمل معه هذا العمل أو ذاك تعرف النهاية، فلماذا تكون سبباً في ضلال الناس؟ أنت يا أخي! مقتنع أن طريقك خاطئ، ويمكن أنك تبحث عن طريق الصلاح والاستقامة، فكيف ترتكب أنت الخطأ وهذا الأسلوب مع الناس وتنقلهم إلى أن ما ترى أنه أمر فاسد، فأنت ترى أن هذا الطريق الذي هم عليه هو طريق الخير، وهو طريق الصلاح، وهو الطريق الطبيعي الذي ينبغي أن يسلكه الإنسان، ألا تخشى أن ينطبق عليك قول الله عز وجل: {لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلا سَاءَ مَا يَزِرُونَ} [النحل:٢٥]؟! وأنت مثلاً عندما تأتي وتصاحب فلاناً من الناس وبسبب مصاحبتك له انحرف وضل، أتدري أنك تأتي يوم القيامة تحمل وزرك مع وزره هو؟ هذا كلام الله عز وجل، ألا تخشى أن ينطبق عليك قول النبي صلى الله عليه وسلم: (من دعا إلى ضلالة كان عليه من الوزر مثل أوزار من تبعه لا ينقص ذلك من أوزارهم شيئاً).

وهنا أضرب لك مثالاً محدداً بسيطاً: فأنت أتيت وأهديت إلى فلان فيلماً وأنت قد شاهدت هذا الفيلم، فقد تقول لي: ما أستطيع أتخلص منه، أنا تعودت، أنا أصبحت صاحب إدمان، سنتنازل معك فنقول: قد تكون كما قلت، لكن ما المبرر أنك تهديه إلى فلان من الناس؟ وماذا يترتب على ذلك؟ فإذا أنت أهديته إلى فلان فسينظر إليه، والنظر هذا معصية، وهذا العمل سيصرفه عن كثير من أنواع الطاعات، بل قد يتسبب في وقوعه في المعصية، بل قد يكون سبب في انحرافه كما سنتحدث إن شاء الله في الدرس القادم، وسنذكر لكم نماذج من ذلك.

فقد يكون ذلك سبباً في انحراف أناس آخرين، فهذا الشاب قد يعطي هذا الفيلم لآخرين، فقد تراه أخته وقد يراه أخوه، فتخيل معي الآن ما هي النتائج التي ترتبت على هذه الهدية التي قمت بإهدائها إلى فلان من الناس، فالنتيجة أنك أنت تتحمل المسئولية كاملة، وتتحمل كل الأوزار الذين وقعوا فيها هؤلاء؛ لأنك أنت سهلت لهم طريق المعصية، وهذا قول النبي صلى الله عليه وسلم: (من دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص ذلك من أوزارهم شيئاً)، وأنت ترى مشهداً آخر معاكساً فأنت تهدي إلى هذا مثلاً فيلماً ساقطاً، لكنك ترى من يهدي إلى فلان شريطاً إسلامياً، وترى من يهدي إليك أنت شريطاً إسلامياً وكتاباً إسلامياً، أنت مثلاً: قد تصاحب فلاناً لغرض إفساده، أو لقضية معينة، وتعرف النتيجة، لكنك ترى أنت من يدعوك ويحاول أن يأخذ بيدك ليصحبك؛ كي ينقلك إلى طريق الاستقامة.

فيا أخي! هل هذا المشهد لا يدعوك إلى أن تراجع نفسك؟ فانظر كيف أنت عائش في النقيض، فهناك من يسلك نفس الأساليب التي تسلكها: أسلوب المصاحبة، والكلام، والإهداء، وتجده يحترق حتى ينقل فلاناً أو فلاناً إلى طريق الهداية، وأنت تمارس نفس الأسلوب بطريقة أخرى، فعلى الأقل يا أخي! إذا ما اقتديت به المفروض أن هذا الخطوة تجعلك تتوقف عن أن تسلك هذا الطريق: طريق إضلال الناس، وهي قضية خطيرة ما يسوغ أن تستهين بها، وفرق بين أن تفعل معصية وتقع فيها، وبين أن تسهلها على الناس، وتدعو الناس إليها، وتحاول أن تنقل الناس إلى المعصية، فتتسبب في إضلال الناس.