للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[لا تيأس واتخذ القرار الحاسم]

وأخيراً: نفتح الصفحة الأخيرة: لا تيأس واتخذ القرار الحاسم، فهو العائق الوحيد: الكثير من هؤلاء الشباب يقول: قد فعلت وفعلت، وارتكبت الفواحش، وفعلت المعاصي، وارتكبت من الكبائر والموبقات ما أظن أنه لن يبقى بعد ذلك أمل لي في التوبة والإقلاع، فإلى هؤلاء نسوق قول الله سبحانه وتعالى: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ} [الزمر:٥٣ - ٥٤].

وفي آية أخرى يقول الله سبحانه وتعالى: {وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا * إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا * وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا} [الفرقان:٦٨ - ٧١].

واعلم -أخي الكريم- (أن الله سبحانه وتعالى يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل).

واعلم (أن الله سبحانه وتعالى ينزل إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول: هل من سائل فأعطيه سؤاله؟ هل من مستغفر فأغفر له؟ هل من تائب فأتوب عليه؟).

واعلم -أخي الكريم- أن الله سبحانه وتعالى يقول لك: (ابن آدم! لو بلغت ذنوبك عنان السماء، ثم استغفرتني؛ غفرت لك ما كان منك ولا أبالي).

الأمر -أخي الكريم- لا يقف فقط عند قبول التوبة، بل إن الله سبحانه وتعالى وهو الغني عن عباده يفرح بتوبة عبده فرحاً أشد من فرح من أضل دابته في أرض فلاة ثم وجدها.

يقول النبي صلى الله عليه وسلم يصور لنا ذلك المثل: (رجل كان في صحراء مع دابته عليها طعامه وشرابه، فأضلها في أرض فلاة، فنام تحت شجرة ينتظر الموت، فلما استيقظ وجدها عند رأسه، فالله عز وجل يفرح بتوبة عبده أشد من فرح هذا الرجل بدابته).

فاتخذ القرار الحاسم، وقرر أن تودع الغفلة والضلال إلى غير رجعة، وقرر من هذه الساعة التي تندم فيها على ماضيك، قرر قراراً حاسماً، وتخل عن كل دواعي المعصية، وعن قرناء السوء، وعن ذرائع المعصية، وعن كل ما يدعوك إليها.

واعلم -أخي الكريم- أنك عندما تتوب إلى الله توبة صادقة، وتقبل على الله عز وجل، فإن الله سيستجيب لك، وستجد صعوبة في أول الطريق، لكنها الضريبة للسعادة، وستجد عقبات نعم، لكنها البوابة لأن تذوق بعد ذلك لذة الإيمان، وطعم الإيمان.

أختم بعد ذلك هذه الصفحات بهذه الوصية، أسأل الله سبحانه وتعالى أن تكون قد صدرت من قلب صادق، وأن يرزقنا الإخلاص في القول والعمل، وأن يرزقنا وإياكم استماع القول واتباع أحسنه.

بعد ذلك لعلي أن أجيب باختصار على هذه الأسئلة التي وردت.