للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الاعتناء بمشاعر الأبناء]

مشاعري غالية: أتذكر يا أبت! حين كان الضيوف لديك فأحضرت الشاي وتعثرت في الطريق؛ أتذكر كلمات التأنيب أمام أعمامي وأقاربي؟ إن كنت نسيتها فإن الصافع ينسى ما لا ينساه المصفوع، وهل تتصور يا أبت! أنني أنسى حين قدمت إليك وقد أخفقت في امتحان الدور الأول في حين نجح إخوتي، وفي مجلس قريب من المجلس نفسه؛ فلقيت من الانتقاد والسخرية منك ما لاقيته؟ وهل تريدني أن أنسى ذلك التأنيب القاسي الذي وجهته لي أمام زملائي وأصحابي؟ بل أحياناً يا أبت! تحملني ما لا أحتمل، ففي ذات مساء أمرتني أن أحضر الطيب للضيوف، فذهبت إلى أمي فوجدته لم ينته بعد، وعدت إليك، ألم يكن البديل يا أبت! عن التأنيب لي ولأمي الذي واجهته منك حينذاك، ألم يكن لك بديل عن هذا الأسلوب؟ أوليس الأولى أن تقدر في نفسك أنه لم ينته بعد، وهب أنه تأخر لدقائق معدودة فماذا في الأمر؟ أعتذر لك يا أبت! عن الاستطراد في هذه الأمثلة لأقول لك بعد ذلك: ألا تتصور أنني إنسان أحمل مشاعر، وأحتاج كغيري للاحترام والاعتراف بشخصيتي؟ لقد حفظت يا أبت! مما حفظته في (عمدة الأحكام): أن النبي صلى الله عليه وسلم اعتذر لأحد أصحابه حين أهدى له صيداً وهو محرم، فلما رأى ما في وجهه دعاه واعتذر له، وقال: (لم نرده عليك إلا لأنا حرم)، فقد كنا يا أبت! نحتاج منك إلى مثل هذه المراعاة لمشاعرنا.