للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[بناء التوحيد في النفوس]

أيضاً الحج يبني في النفوس أمراً عظيماً جداً، بل هو أعظم شيء ألا وهو توحيد الله عز وجل، فإن الحج يربي في النفوس التوحيد لله تبارك وتعالى، وهذا نلحظه في كل مواقف الحج، نلحظه في الدعاء، فإن (أفضل الدعاء دعاء عرفة)، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: (خير ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير)، هو دعاء التوحيد، نلحظه مثلاً في التكبير، يكبر عند الحج، يكبر عندما يرمي الجمرات، يدعو بدعاء التوحيد حينما يصعد على الصفا: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله وحده، نصر عبده، وأنجز وعده، وهزم الأحزاب وحده، نجد أيضاً هذا في التلبية، نجد مظاهر التوحيد في الجانب العملي، في عمل هو من أفضل أعمال الحج وهو نحر الهدي، وهو لا شك من أعظم شعائر التوحيد، قرنه الله عز وجل بالصلاة فقال: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} [الكوثر:٢]، {قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الأنعام:١٦٢].

وأخبر الله عز وجل أن من مقاصد الحج أن يتقرب الناس إلى الله عز وجل بنحر البدن، بهذا البيت العتيق: {وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ} [الحج:٣٦]، ثم قال الله عز وجل: {لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ} [الحج:٣٧].

أيضاً نجد فيما يتصل بالتوحيد في الحج نجد أيضاً الجهر، يجهر الإنسان بالتلبية، هو نوع من إظهار شعائر الإسلام، ونوع من إظهار التوحيد، وقال جابر رضي الله عنه: (فلبى النبي صلى الله عليه وسلم بالتوحيد: لبيك اللهم لبيك).