المعلم السابع من معالم منهج الأنبياء: أن الأنبياء ومع ما أوتوا من رفق وحكمة فقد واجهوا قومهم بانحرافاتهم مواجهة صريحة واضحة لا لبس فيها ولا غموض، فلوط عليه السلام يقول لقومه:{أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ}[الأعراف:٨٠].
وموسى عليه السلام الذي أرسله الله إلى فرعون وأمره أن يقول له قولاً ليناً قال له عندما أعرض واستكبر:{لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنزَلَ هَؤُلاءِ إِلَّا رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ بَصَائِرَ وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا فِرْعَوْنُ مَثْبُورًا}[الإسراء:١٠٢].
وقال لـ فرعون:{وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّهَا عَلَيَّ أَنْ عَبَّدْتَ بَنِي إِسْرَائِيلَ}[الشعراء:٢٢].
نعم، إنه موسى الذي أمره الله بالقول اللين، ولو قلنا إن الرفق والقول اللين مع أنه منهج لا يجوز تخطيه ولا المساومة عليه لكنه لا يعني السكوت عن قضايا الدعوة لا يعني السكوت عن مواجهة الناس بأخطائهم وانحرافاتهم وضلالهم، فهاهم أنبياء الله يعلنونها صريحة ويواجهون قومهم بشركهم وضلالهم مواجهة صريحة، أولئك الذي يعانون الفساد الأخلاقي يواجههم لوط بانحرافهم وضلالهم وأولئك يعانون الفساد الاقتصادي والاجتماعي وقطع الطريق يواجههم شعيب بذلك، وإبراهيم وموسى وهكذا فهي دعوة واحدة ومنهج واحد وأمة واحدة ومن ثم فالدعوة التي تقوم على منهج الأنبياء ينبغي أن تشعر أن قضايا الدعوة لا مجال فيها للمجاملة ولا مجال فيها للمداهنة، وأن الرفق والحكمة ليست ملازمة للصمت والإغضاء عن كلمة الحق حيث أرسل الله رسله وأخذ الله الأمانة والميثاق على من آتاهم الكتاب أن يبلغوه.