للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[التخلص من مضيعات الوقت]

الاقتراح السابع: التخلص من مضيعات الوقت: هناك مضيعات كثيرة للوقت منها: الهاتف، من خلال طول الحديث في الهاتف، فبعض الناس لا يحلو له الحديث إلا في الهاتف، ويسأل عن الأحوال والأخبار، ويتحدث معك دقائق طويلة وهو إلى الآن ما دخل في الموضوع، ولا تدري ما هو الموضوع الذي يريده، ربما يكون فارغاً، وربما يكون يعيش هماً وأراد أن يفرج همه بالاستئناس بحديث الإخوان، لكنه لا يتصور ما هو الوقت الذي تقضيه، ولا يتصور أنه ربما يكون عندك إنسان، أو أنك تقرأ، أو أنك منشغل بأي أمر من الأمور.

فيجب أن تقدر أوقات الآخرين، وأن يتعلم غيرك أن يقدر أوقات الآخرين، فمن مشكلات الهاتف أنك لا تعرف ما هو منشغل به صاحبك.

البعض من الناس يعتب عليك مطالبتك إياه بالاختصار في الهاتف، لكن لأنه يعرف أن هذه المكالمة ربما تكون هي الوحيدة في السنة، أو في الشهر، أو مكالمة فصلية، يتصور أنه لا مشكلة أن يقضي عشر دقائق معك، ولا يظن أن وقتك سيضيع، لكنه لا يتصور أنه عندما يتصل بك بعد العصر أن هناك عشرة اتصلوا مثله، وإذا كان كل واحد سيأخذ خمس دقائق فهذا يعني أن خمسين دقيقة تماماً قد ضاعت في الحديث مع هؤلاء الذين يعتبرون الخمس الدقائق وقتاً يسيراً في المكالمة الهاتفية.

أضف إلى ذلك أنها ليست في الواقع ساعة، بل هذا الانقطاع يؤثر كثيراً على العمل الذي كنت تعمله فانقطعت عنه ثم عدت إليه.

فيجب أن نتخلص من تضييع الوقت في الهاتف من خلال عدة أمور: الاختصار في المكالمة في الهاتف، وأن نتعود ألا نجيب على الهاتف، أو أن يعتذر الأهل أو أي شخص بأنك مشغول، وإذا كنت مشغولاً فليس بالضرورة أن تجيب على الهاتف في كل وقت.

ومن مضيعات الوقت أيضاً: الزائر: أحياناً يأتيك زائر مفاجئ فيضيع عليك وقتك، فافترضوا أنه أتاني زائر وأنا أعد هذا الموضوع وجلس عندي طوال وقت العصر، وتبادلت معه الحديث، فعلى أي حال سآتيكم وبأي صورة، أنا أظن مثلاً أني يمكن أن أكون صريحاً معه، أو ربما أحرج نفسي مع شخص واحد، ولا أحرجها أمام عدد من الطلاب ينتظرونني، ويريدون أن يسمعوا مني، وقد خصصوا هذا الوقت لذلك.

من الأمور التي تعين على التخلص من الزائر أن نحدد أوقاتاً للزيارة، فنعتاد على أن نأخذ موعداً للزيارة ولو بالهاتف قبل الزيارة، فيتصل ويقول: أنا سآتيك الآن فهل الوقت مناسب أو غير مناسب؟ فأنت مثلاً تجد أنك عندما تتصل على إنسان وتقول: أنا سآتيك، فيقول لك: أنا مشغول، لكن لو أتيته لا يمنعك.

أمر آخر وهو أن يكون لدينا جرأة على الاعتذار، وسيأتي بعد قليل الإشارة إلى هذا المعنى.

من مضيعات الوقت الثقلاء والبطالون: وابن الجوزي له معاناة مشهورة مع هؤلاء، أشار إليها في (صيد الخاطر) يقول رحمه الله: أعوذ بالله من صحبة البطالين، لقد رأيت خلقاً كثيراً يجرون معي فيما قد اعتاده الناس من كثرة الزيارة، ويسمون ذلك التردد خدمة ويطلبون الجلوس، ويجرون فيه أحاديث الناس وما لا يعني، وما يتخلله غيبة، وهذا شيء يفعله في زماننا كثير من الناس، وربما طلبه المزور، وتشوق إليه، واستوحش من الوحدة، وخصوصاً في أيام التهاني والأعياد، فتراهم يمشي بعضهم إلى بعض، ولا يقتصرون على الهناء والسلام، بل يمزجون ذلك بما ذكرته من تضييع الزمان، فلقد رأيت الزمان أشرف شيء، والواجب انتهاؤه بفعل الخير، كرهت ذلك وبقيت معهم بين أمرين: إن أنكرت عليهم وقعت وحشة لموضع قطع المألوف، وإن تقبلته منهم ضاع الزمان، فصرت أدافع اللقاء جهدي، فإذا غلبت قصرت في الكلام لأتعجل الفراق، ثم أعددت أعمالاً لا تمنع من المحادثة لأوقات لقائهم؛ لئلا يمضي الزمان فارغاً، فجعلت من الاستعداد للقائهم قطع الكاغد، وبري الأقلام، وحزم الدفاتر، فإن هذه الأشياء لا بد منها، ولا تحتاج إلى فكر وحضور قلب، فأرصدتها لأوقات زيارتهم؛ لئلا يضيع شيء من وقتي.

وربما أيضاً هذه تكون رسالة لهم أنهم من الناس المضيعين للأوقات.

إذاً: هو يسلك عدة وسائل: الأمر الأول: يحرص أنه لا يقابل هؤلاء ابتداءً.

الأمر الثاني: إذا قابلهم يقول: أختصر في الكلام، حتى ينتهي ما عندهم ويضطرون لاستئذاني.

فإذا لم يكن هناك فائدة خصص أعمالاً لا تحتاج إلى تفكير، فيبري قلماً، أو يرتب أوراقاً، وهو يتحدث مع زائره.