للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الوسطية في تقويم آراء الأشخاص]

السؤال

عند تقويم رأي أي شخص فإننا ننظر إلى الرأي وكأننا لا نعرف الشخص، مع أننا نعرف الشخص، فهل هذا القول صحيح، أم هناك وجهة أخرى نظر للتقويم؟

الجواب

هذا تطرف وذاك تطرف، أن نلغي الأشخاص تماماً هذا تطرف، وأن نسلم بآرائهم هذا تطرف، ولهذا تجد -مثلاً- أهل العلم يحتجون يقولون: وبهذا القول قال فلان وفلان، يحتجون بأقوالهم، ويرون أن هذا القول له قيمة، فإلغاء آراء الأشخاص غير صحيح، هناك ناس معروفون من أهل الرأي في أي أمر من الأمور؛ في الفقه في السياسة في الإعلام في الاقتصاد، في أي مجال هناك أهل رأي وكلامهم له وزن، بل أنت أحياناً حينما تريد أن تبحث في مسألة وتطمئن لقول من الأقوال، فحينما تجد قول شخص آخر من الأئمة المعتبرين يخالف هذا القول لا ترتاح لما تقرر عندك، فهذا طبيعي، فإلغاء آراء الأشخاص مطلقاً غير طبيعي، وأيضاً التقليد المطلق غير طبيعي، أنا كنت أتناقش مع بعض الشباب المفتونين باللوثة العقلية والمناقشة فما أدري ما الذي أثار عنده القضية، فقلت: الذي يحكمنا هو الكتاب والسنة وفهم السلف الصالح، فقال: لا، فهم السلف الصالح ما هو بملزم، ثم قال: يا أخي! إذا كان قول الصحابي ليس حجة، فكيف بفهم السلف الصالح؟! إلى هذا الحد من سوء الأدب مع السلف، ويتكلم بعضهم عن التابعين وعن الأئمة بكلام كأنه يتحدث عن أي إنسان عادي، هذا نوع من الغلو ونوع من سوء الأدب، وفي النهاية سيبقى الأئمة أئمة لهم وزنهم، لهم قيمتهم، آراؤهم لها قيمة، ولسنا مع العصمة والغلو، لكن هذا النموذج هو غلو، وقد نلمس هذه الظاهرة عند بعض الشباب الذين لا يقيمون وزناً لأحد، يعني: يتكلمون عن شيخ الإسلام، عن الإمام أحمد، عن محمد بن عبد الوهاب، عن أي إمام آخر فيقولون: الناس سواء، والمسألة محل رأي واجتهاد، والسلف أخطئوا في تعاملهم مع الخوارج، وأخطئوا في تعاملهم مع أهل البدع إلى آخره، فأحياناً تسمع حديثاً أستغربه وجرأة غريبة، وهذا هو غلو وردة فعل.