للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[قواعد وضوابط في الشرك]

السؤال

لو ذكرت لنا بعض القواعد والضوابط في تمييز الشرك عن غيره، وفي تمييز الشرك الأكبر عن الأصغر؟

الجواب

ليس هناك قواعد وضوابط بحيث توضع هذه القاعدة وتأتي عليها الأنواع كلها، وإنما الأمر يحتاج إلى شيء من الاستقصاء؛ لأننا مربوطون بالدليل من كتاب الله ومن سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ونحن نعلم أن بعض هذه الأمور قد تكون شركاً في شريعة ولا تكون شركاً في شريعة أخرى، فالسجود مثلاً للاحترام والتقدير كان جائزاً كما في قصة يوسف مع أخوته، لكنه في شريعة محمد صلى الله عليه وسلم شرك أكبر، ولهذا كما في الصحيح: لما قدم معاذ من الشام وأقبل على الرسول صلى الله عليه وسلم من شدة هيبته وفرحه برؤية النبي صلى الله عليه وسلم سجد له، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما هذا يا معاذ؟ قال: يا رسول الله إنني كنت في الشام فرأيتهم يسجدون لرهبانهم وقساوستهم فأنت يا رسول الله أحق بذلك، فقال صلى الله عليه وسلم: (لا تفعل، فلو كنت آمراً أحداً أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها) فصار السجود لغير الله من العالم به شركاً وكفراً أكبر.

صحيح أن هذا يدخل في المعاني وتمييز الأمور وضبطها، لكن أيضاً لا بد من النظر فيه إلى الأدلة، عندما نقول: عبادة غير الله شرك القصد بأي نوع من أنواع العبادة، فما يأتينا أحد ليقول لا بد أن تستقصي كل هذه الأمور بحيث يكون هذا الأمر شاملاً شمولاً كلياً، وإنما يُذكر من ذلك الأمثلة ويميز بين ما كان أكبر وما كان أصغر أيضاً بالدليل، ولهذا تجد مثلاً إرادة الإنسان بعمله الدنيا، أو ما ذكرناه قبل قليل مثل اتباع الهوى على درجات، أو المحبة، أو الخوف من غير الله الإنسان يخاف من السبع ويخاف من النار، هل نقول هذا وقع في الشرك الأكبر؟ لا، وإنما نقول: الخوف من غير الله سبحانه وتعالى على درجات، فإن كان هذا الخوف من غير الله سبحانه وتعالى في أمر لا يقدر عليه ولا يملكه إلا الله سبحانه وتعالى! فهذا قد يوصل صاحبه إلى الشرك الأكبر، وإن كان في أمر يخاف منه الإنسان عادة فهذا من الأمور العادية، وإن كان في أمر مما بين ذلك فهذا دال على ضعف إيمانه وقد لا يوصل صاحبه إلى الشرك الأكبر، وهكذا بقية الأمور.