للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[رسالة من فتاة]

أخيراً وردت إليّ رسائل كثيرة من بعض الفتيات، حول هذا الموضوع، وهي رسائل من حقهن أن نذكر بعضها، لكني أعتذر لكم وأعتذر لهن سلفاً أن أختصر بعضاً من رسالة طويلة وردت إليّ من إحدى الفتيات، إنها تصور هذا الواقع التي تعيشه هذه الفتاة.

تقول: كيف يسهل لقلم مسلم أو مسلمة أن يكتب واقعاً مريراً مؤلماً لفتاة مسلمة؟ كيف يسهل لأقلامنا أن تكتب واقعاً هي متسببة فيه؟ اللهم ارزقنا الأقلام السيالة المجاهدة الداعية إليك بالحكمة والموعظة الحسنة.

أولاً: واقعها في المدرسة.

هي حائرة شاردة الذهن دائماً، من الطبيعي أن المسلمة كذلك وخاصة في هذا العصر الذي لا تجد فيه ما يبهج النفس، فهي لا تلام على حيرتها، ولكن الأمر الذي نلومها عليه والأدهى من ذلك هو في ماذا تفكّر؟ ولماذا الحيرة؟ من أجل أمتها؟ أم لها مكانة اجتماعية شغلت ذهنها؟ أم أنها تتأمل في ملكوت الله، أم ماذا؟ يا فتاة الإسلام للأسف لا هذا ولا ذاك، أخشى أن تُصعق يا أخي حينما تعلم الأمر الذي شغل فكر ابنة الإسلام، قبل أن تقرأه احمد الله تعالى على كل حال، وكأني بك وأنت تتخيلها وهي حائرة تفكر في عشيقها الذي كلمته البارحة، قد أتعبها وآلمها وحيّر عقلها غضبه منها.

وإليك هذه الواقعة التي حدثت معي شخصياً، والتي ربما لو سمعتها من غيري لما صدقت أن تصل فتاة الإسلام وأمل الأمة إلى هذه المرحلة من الانحطاط بينما نحن في حصة فراغ وإذا بي أرغب زميلاتي وكل واحدة منهن في واد لا تعلمه الأخرى، فهذه تسرّح شعرها، والأخرى تكتب واجبها، والثالثة قد تحلّق حولها معظم البنات وكأنهن قد جمعن على مائدة! نعم مائدة من اللحوم البشرية، وأختنا المفقودة لا مع هؤلاء ولا مع هؤلاء، هي في واد آخر اقتربت منها فسلمت عليها فردت السلام باختصار شديد، وبدأنا نتجاذب أطراف الحديث حتى وصلت إلى السؤال المقصود: ما سبب حيرتها؟ أجابت بالحرف الواحد: حرف

الجواب

! قلت: لماذا إنه سهل الكتابة؟ فضحكت ضحكة اتضح لي منها معنى السخرية وكأنها تقول: إنكِ جاهلة ولا تعرفين شيئاً ولستِ كالبنات، فقلت: {إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ} [هود:٣٨] وهنا تناديني زميلة أخرى من المقربات إلى صحابتنا لتسألني عن أمر ما، فقلت لها: ما بال فلانة؟ وأخبرتها الخبر فقالت: إنها تحب شاباً يسمى عبد الرحمن وقد حدث بينهما سوء تفاهم هذه الأيام، وهي على هذه الحالة من أسبوع.

لا أدري ما أسطّر وماذا أدع؟ واقع تعيشه فتاة الإسلام يكاد ينطق الصخور، ربما تتهمني بالمبالغة، لا تلام يا أخي، فكيف لك يا ابن الإسلام أن تصدّق واقعاً كهذا لمسلمة؟ لا ألومك فأنت لم ترهن وهن يتحدثن بكل بجاحة وسوء أدب وكأن أمراً لم يحدث، صدقني يا ابن الإسلام أن كلماتي تكاد تنطق من حرارتها حزناً لواقعنا الأليم، وكثيراً ما أرى وأسمع وأُعاصر حوادث ووقائع تؤيد ما أقول.

وأعتذر لكم لقراءة رسالتي كما وردت، أو لقراءة بعض العبارات كما وردت باللهجة العامية.

تنتقل أختنا لتصور صوراً من حوارها مع بعض الفتيات، وتحدثها إحداهن عن برنامجها تقول: أصل إلى البيت الساعة الواحدة ظهراً ثم أصلي الظهر.

كم تستغرقين؟ خمس دقائق.

ثم ماذا تفعلين؟ بصراحة أكلم خالد.

كم تستغرقين؟ نصف ساعة.

سؤال آخر: متى تنامين؟ والله أنوم الساعة الواحدة أو الثانية عشرة.

وتقومين الفجر؟ لا، سامحكِ الله أقوم متى كلمت محمداً.

من محمد؟ محمد عمرها حياتها يكفي.

الساعة كم؟ متى كلم الساعة الثانية أو الساعة الثالثة أستيقظ.

وتستيقظين ولا تتعبين؟ نعم أقوم، وإذا ما قمت له فلمن أقوم؟ وكم تستمرون في المكالمة؟ والله متى ما رغب أغلقت السماعة، وأغلب الأحيان على رغبتي ساعة بعد الفجر.

أين أهلكِ من هذا كله؟ ماذا تقولين؟ بعد أن أطلقت ضحكت عالية لفتت أنظار الجميع أهلي! أمي بعد العصر في زيارة، والوالد في العمل، وإخواني مع المعذرة لهذه العبارة وإخواني ألعن مني، وفي الليل نائمين.

وبعد ذلك انتهى بنا المطاف، وهنا قفزت أسئلة كثيرة إلى ذهني، ووددت لو سألتها ولكن أين هي؟ لقد ذهبت مع صاحبتها.

لا حول ولا قوة إلا بالله، أيعقل يا فتاة الإسلام أن يكون هذا يومكِ؟ وهكذا دوماً تسير حياتكِ؟ أين كتاب الله في قاموس حياتكِ؟ أين الأذكار النبوية؟ أين الدعاء والإلحاح على الله؟ أين المحافظة على الصلاة في وقتها والخشوع فيها؟ أين معاني الوحدة التي تربطنا بإخواننا؟ أين أين وأين يا فتاة الإسلام؟ آسفة يا أخي لقد أزعجتك وسمعك بهذا الواقع، ولكن هي الحقيقة، ولا بد أنك الآن شاخص العينين، مشدود الفكر في واقع أختنا والذي يعد واحداً من المئات، لا أدري ما شعورك الآن بعد قراءة هذه الكلمات من أفواه المسلمات؟ أما أنا فلم يعد في مقدوري المواصلة، وهنا يقف قلمي ليعلن استسلامه، وما بقي أكثر مما ذُكر ولا حول ولا قوة إلا بالله.

وهنا انتهت هذه الرسالة.

هذه