للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[مناقشة أخطاء المنهج يجب أن تكون وفق منطلقات صحيحة وسليمة]

قبل أن نتحدث عن الأخطاء في المنهج، نطرح تساؤلاً: حينما يتحدث الآن عن المنهج ويكتب عنه ويطرح في المنتديات والمناسبات، هل ما يطرح الآن هو محاولة لاستكمال معالم المنهج وإيضاحها وبيانها للناس؟ وهل هي محاولة للوصول إلى معالم واضحة وإلى أسس لا يعذر أحد بمخالفتها، ويعتبر من تجاوزها وتعداها قد انحرف وتجاوز المنهج، أم أن ما يعرض لا يعدو أن يكون صراعاً وعراكاً داخل دائرة أهل المنهج الصحيح، وداخل دائرة المنتمين إلى أهل السنة والجماعة؟ وإنه لمما يأسى له قلب المسلم ويتفطر أن يعود الصراع إلى الداخل، وأن يعيش جيل الصحوة حلقة مفرغة من الجدل والنقاش حول قضية المنهج، مع أنهم يسيرون في الأصل على أسس واحدة، وعلى أصول متفقة، وإن حصل ما حصل من الاختلاف في الآراء ووجهات النظر والمواقف؛ فإن هذا لا ينبغي أن يحول إلى اختلاف في المنهج.

إننا نتساءل ونحن الآن نسمع الحديث كثيراً حول المنهج، وحول الحكم بأن هذا هو المنهج الصحيح، وبأن هذا هو منهج السلف، وبأن منهج فلان أو فلان أو الطائفة الفلانية يخالف منهج السلف، ونحن نسمع الكثير من هذا الحديث نتساءل: هل هذا الحديث وهذا الزخم من إثارة هذه القضية يتوازى ويتناسب مع الحديث عن استكمال معالم المنهج وإيضاحها للناس من خلال الدليل والبرهان والحجة البينة الظاهرة التي لا يخالفها إلا مبتدع صاحب هوى معاند؟ فأقول بادئ ذي بدء: إن قضية المنهج قضية لا يعذر أحد في الإخلال بها، وإن الاختلاف يمكن أن يكون في أي باب إلا في المنهج، وهذا يعني: أن المنهج يشمل أسساً ثابتة ومعالم ظاهرة واضحة، وهو من الأمور المسلّمة في دين الله تبارك وتعالى، وهو مما جاءت به النصوص المتضافرة من كتاب الله ومن سنة النبي صلى الله عليه وسلم ومن عمل سلف الأمة، ولا يسوغ أن يحول المنهج إلى ما سوى ذلك، وداخل هذا الحديث وهذا اللغط نحن أحوج ما نكون إلى مراجعة، وأحوج ما نكون إلى دعوة إلى استكمال معالم المنهج، وإلى إيضاح الثوابت التي لا تعذر دعوة ولا يعذر داعية في أن يتجاوزها وأن يتخلى عنها، ولا يقبل الخلاف فيها، إن الجهود ينبغي أن تنصرف إلى تحرير هذه القضايا بعيداً عن الأهواء، وبعيداً عن المؤثرات، وبعيداً عن كل دافع وعن كل عامل إلا الانطلاق من منهج الطائفة المنصورة، ومن كتاب الله وسنة النبي صلى الله عليه وسلم وما عليه سلف الأمة من القرون المفضلة.

إننا ونحن نسمع الحديث عن المنهج نرى أن هناك أخطاء كثيرة؛ أخطاء في الحديث عن المنهج، وأخطاء في تحرير معالم المنهج، ونريد أن نقف عند شيء منها، وليس حديثنا الآن حديثاً عن المنهج ومعالمه، إنما هي إشارة إلى بعض الأخطاء التي ربما تخفى، وهي منطلقات ينطلق منها البعض في تقرير المنهج أو في الحكم على أحد من الناس بأنه قد خالف المنهج، وهي منطلقات تخالف المنهج في أصله وهي منطلقات تحتاج إلى إعادة النظر فيها.