للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أثر العواطف على النصح والتوجيه]

السؤال

هناك كثير من الشباب تتحكم فيهم العاطفة بشكل كبير وخاصة شباب الصحوة، فمثلاً: إذا كان الشخص لا يحضر إلى الحلقات والدروس التي هي من أسس التربية للفرد، فإنك تجد إخوانه لا ينصحونه ولا يوجهونه؛ خوفاً من غضبه، فهل يعتبر هذا تصرفاً للعاطفة، وماذا ننصح من يفعل ذلك؟

الجواب

نعم هذا من مراعاة العواطف والمشاعر، ونحن بحاجة إلى نربي جيلاً جاداً، بحاجة إلى أن نربي جيلاً يعتمد على معالي الأمور، لكن التربيت على الأكتاف، والخوف من أن يزعل، والخوف من أن تؤثر فيه هذه الكلمة، وأن الكلمة هذه قد تكون مؤثرة، وهذا الموقف قد يكون مؤثراً، إذا كنا نتعامل بهذه الحساسية وهذه العاطفة الجياشة، فلن نعد الرجال الذين تريدهم الأمة.

نعم لابد أن نراعي الناس، وأن نرفق بهم، ونراعي مشاعرهم، وهذا هدي ورثناه من النبي صلى الله عليه وسلم، لكن -أيضاً- مع ذلك لا يسوغ أن يكون على حساب الجد والحزم في التربية، والأخذ بمعالي الأمور.

فالنبي صلى الله عليه وسلم الذي وصفه الله عز وجل فقال: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ} [آل عمران:١٥٩]، وقال الله فيه: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} [التوبة:١٢٨]، هو صلى الله عليه وسلم الذي هجر كعباً وصاحبيه، وهو الذي ظهر غضبه على أصحابه حينما خرج وهم يتمارون في القدر، قال عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما: (فغضب صلى الله عليه وسلم كأنما فقئ في وجهه حب الرمان من الغضب، وقال: بهذا أمرتم أن تضربوا كتاب الله بعضه ببعض؟!).

فهو هو صلى الله عليه وسلم، فنأخذ سيرته صلى الله عليه وسلم كلاً متكاملاً؛ لنصل منها إلى النموذج التربوي الذي ينبغي أن نسير عليه، ونصل إليه.