والحج أيضاً يربي جانب الأخلاق والسلوك، يقول الله عز وجل:{الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ}[البقرة:١٩٧]، فجو الحج مع الزحام يقود إلى الجدال والخصومة، يقود الناس إلى تجاوز الحد الخلقي وحينئذٍ يوضع الناس أمام محك، والإنسان لا يتعلم حسن الخلق إذا عاش لوحده؛ لأن الخلق سلوك يمارسه الإنسان في تواصله مع الآخرين، فحينما يتواصل الإنسان مع الآخرين في مواقف تتطلب منه ذلك يتعلم حسن الخلق، وأنت لا تكتشف خلق الإنسان في الأجواء العادية، لكن هذا الإنسان حينما يغضب تقيس -مثلاً- تحكمه في انفعالاته، وحينما يعيش مواقف الحج والزحام مع الناس وهذا يخطئ على هذا وهذا يتعلم الإنسان كيف يصبر، ويتعلم كيف يحسن خلقه؛ ولهذا ربط النبي صلى الله عليه وسلم هذه القضية بالحج فقال:(من حج ولم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه) وكان صلى الله عليه وسلم يوصي بالرفق واللين فكان يقول: (أيها الناس عليكم بالسكينة فإن البر ليس بالإيضاع) والإيضاع هو الإسراع، ومن تأمل سلوك الناس في الحج وهم يرمون الجمرات، وهم في الطواف، يجد أن هناك خللاً في الجانب الخلقي والسلوكي، وهم يعيشون في جو العبادة التي تربيهم على ذلك، وتنمي عندهم هذا الأمر.