للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[عدم الاستجابة لردود الفعل]

رابعاً: عدم الاستجابة لردود الفعل: وغالب الخلل -معشر الإخوة الكرام- الذي ينشأ في رعاية هذا الجانب إنما هو ردة فعل، والاستجابة لردود الفعل تولد الانحراف.

إن المرجئة الذين قالوا لا يضر مع الإيمان ذنب إنما قالوا قولهم هذا ردة فعل لأولئك الخوارج الذين غلو فكفروا مرتكب الكبيرة، والنواصب الذي ناصبوا آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم العداء إنما جاء موقفهم ردة فعل لانحراف الرافضة الذين يسبون أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، والذين شبهوا الله عز وجل بخلقة إنما انطلقوا من ردة فعل لأولئك الذين نفوا صفات الله عز وجل.

وهكذا ترى مدرسة التمسك الحرفي بالظاهر إنما جاءت ردة فعل للتقليد المقيت، وقل مثل ذلك في المدارس الفقهية والتربوية، بل حتى الاجتهادات في مسائل كثيرة تراها غالباً ما تأتي ردة فعل.

نعود إلى الجانب التربوي، حين يكتشف الإنسان في تربيته لنفسه أولاً أنه قد وقع في خطأ فركز على جانب على حساب جانب آخر مثلاً، فيكتشف هذا الخطأ ويريد معالجته فإنه غالباً ما يجنح إلى ردة الفعل فيغلو في الجانب الثاني على حساب الجانب الأول، ويبدأ يتقلب بين طرف وآخر، وقد تكون ردة فعله تجاه خطأ غيره، فهو مثلاً قد يرى غيره يعتني بالعبادة على حساب طلب العلم الشرعي وعلى حساب الدعوة فيرى أن هذا خطأ، فيعالج هذا الخطأ بخطأ آخر فيهمل جانب العبادة ويهمل التقرب إلى الله عز وجل، ويعيش قاسي القلب ليس له حظ من عبادة الله سبحانه وتعالى والتوجه له، وقل مثل ذلك في سائر الجوانب.

فينبغي أن نحذر معشر الإخوة الكرام ونحن نعالج أخطاءنا من ردود الأفعال، وأن نحذر أيضاً ونحن نعالج أخطاء الآخرين من ردود الأفعال وأن تكون مواقفنا متزنة.

إن ردة الفعل أدت ببعض الناس إلى الانحراف في المعتقد، أدت بهم إلى أن يضعوا مناهج فقهية وتربوية للتعامل مع النصوص، أدت بهم إلى أن يقفوا مواقف واجتهادات ليست إلا ردة فعل من موقف الآخرين الذين وقعوا في هذا الخطأ أو ذاك.