إن من أول ما تحتج به الفتاة المتمردة على الحجاب أن الحجاب خلاف الأناقة، يميل الناس بطبيعتهم إلى حب الجمال والأناقة، وليس من عيب في الإنسان أن يسعى لأن يكون أنيقاً جميلاً، لكن هل الأناقة أمر موضوعي يتفق عليه الناس أجمع أم هو أمر نسبي، فما يعده الهنود أناقة قد لا يتقبله الأفارقة، وما يعجب أهل الصين قد لا يعجب أهل المشرق؟ إنني اليوم أتحدث أمامكم باللباس الذي يلبسه أهل بلادي وهو الذي اعتاده الناس وأحبوه، بينما الأناقة عند غيرهم من بلاد المسلمين تعني نوعاً آخر من اللباس، فلم يكون السفور أقرب إلى الأناقة من الحجاب؟ ودعونا نثير سؤالاً جريئاً مهماً: ماذا يريد الرجال من المرأة؟ ما الذي يثيرهم إلى أن يطلقوا نظراتهم نحوها يميناً وشمالاً؟ وحين تعمل المرأة فما المكان المفضل لعملها؟ لننظر إلى واقع الغرب الذي بلغ القمة في المساواة الشكلية بين الرجل والمرأة: كم امرأة مديرة لجامعة؟ كم امرأة وزيرة؟ كم امرأة تشغل منصباً دستورياً؟ كم امرأة تحكم ولاية؟ أين هي من هذه الوظائف؟ إننا حين نتأمل في المواطن التي توضع فيها المرأة نرى أنها توضع حيث تكون أكثر إثارة للآخرين، إنها تعمل في الاستقبال في الفنادق والأماكن العامة، في السكرتارية، في المرافق إلى غير ذلك.
إن المرأة العاقلة أياً كان دينها وخلقها تأبى أن تكون مجرد وسيلة لإثارة الآخرين وإغرائهم، وما معنى اختيار الحسناء في هذه المواطن إذا كان الباعث هو العمل وتوظيف هذا العنصر.
عندما سئل مدير مكتب توظيف في نيويورك عن أهم العوامل التي يجب أن تتوافر لدى المرأة لتحصل على وظيفة قال: الجمال؛ ولهذا انتشرت عمليات التجميل، ففي بريطانيا تم إجراء خمس وتسعين ألف عملية تجميل عام ١٩٩٨ للميلاد.
وفي عاصمة عربية قرأت إعلاناً وضع على واجهة أحد المحلات، هذا الإعلان يطلب فيه صاحب هذا المحل نساء حسناوات للعمل في المحل.
إذا كان المقصود هو العمل والقيام به فما معنى أن تكون هذه المرأة التي تعمل في هذا المحل التجاري حسناء؟ إنه يريد أن يوظف أناقة المرأة وحسنها لكسبه هو، في لقاء مع البريطانية المسلمة سارة جوزيف والتي تبلغ الرابعة والعشرين من العمر واعتنقت الإسلام قبل سنوات قالت: من ناحيتي كان قرار ارتداء الملابس الإسلامية ينبع من قناعة قوية؛ لأنني أعتقد أن جسم المرأة يساء استخدامه بصورة كبيرة في المجتمع البريطاني، فصور الفتيات شبه العاريات تنتشر في كل مكان، حتى أصبح جسم المرأة ملكية عامة لكل أفراد الجمهور، أنا أكره ذلك وأعترض عليه؛ لأنني أود أن يحكم الناس علي من خلال شخصيتي وليس من منطلق جسمي أو شكلي، وهكذا حررتني الملابس الإسلامية من أن أكون أسيرة منظري وشكلي الخارجي.