ثالثاً: لا نزال نسمع الحديث الكثير عن النقد لبعض المظاهر السلبية في واقع الشباب المتدينين، والحديث عن بعض الأخطاء التي يقعون فيها، وهو حديث لا شك أن الكثير منه يصدر بلغة النصح، ومنطق الإشفاق على هؤلاء، والهدف والرائد له الإصلاح والتغيير، وأشعر أنني ممن يشارك أيضاً في الحديث في هذا الأمر، فقد تحدثت كثيرا عن بعض الجوانب، وعن بعض الأخطاء والسلبيات التي ربما وقع فيها هؤلاء الشباب الأخيار.
لا شك أن الكثير من هذا الحديث يصدر بمنطق النصح وتدفعه الغيرة والإشفاق على واقع هؤلاء الشباب؛ لكننا نخشى أنه حينما يكثر الحديث عن هذه الجوانب السلبية، وحينما يكثر الحديث عن الأخطاء، وهو وإن كان بمنطق النصح والإشفاق نخشى أن يحول الصورة لدينا إلى صورة سلبية، وإلى صورة بائسة، وأن نتصور أن الالتزام والاستقامة التي عليها هؤلاء الشباب لا تعدو أن تكون سراباً ووهما، وأنها قضية خادعة، وأن هؤلاء الشباب يقعون في أخطاء في عبادتهم لله تبارك وتعالى ويقصرون، ويقعون في المعاصي، ويرتكبون طائفة منها، ويقعون في أخطاء في دعوتهم إلى الله تبارك وتعالى، ويقصرون وحقوق إخوانهم في حقوق أهلهم في هذا الجانب وذاك، حتى لا تكاد ترى جانباً من الجوانب إلا وترى الحديث عن الأخطاء حوله! ولا شك أن الحديث عن الأخطاء حين يكون رائده النصيحة، ودافعه الغيرة، والهدف من ورائه الإصلاح، لا شك أنه أمر مطلوب، ولا يسوغ أن نلغي الحديث عن هذا الجانب، لكننا نخشى حين تطول هذه اللغة وحين يرتفع هذا الصوت أن تتحول القضية إلى قضية سلبية، وأن نشكك في أصل استقامة هؤلاء الشباب، وفي حقيقة تدينهم والتزامهم؛ لذا كان لا بد من الحديث عن الجانب الآخر، حتى لا نغلو في هذا الجانب وهذا الميدان.