سادساً: العقاب الأخروي في نار الجحيم مرتبط أيضاً بالعمل: {وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ}[النمل:٩٠]، ويقال لهم تبكيتاً وتوبيخاً:{فَذُوقُوا بِمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا إِنَّا نَسِينَاكُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْخُلْدِ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ}[السجدة:١٤]، وحين يطالبون بالعودة إلى دار الدنيا -وأنى لهم ذلك حتى تشيب مفارق الغربان- فهم إنما يطلبونها لأجل أن يمكنوا من العمل، فقد أدركوا الآن قيمة العمل.
إن تلك الدنيا التي كانوا يعيشون فيها من أجل الشهوات الفانية من أجل المال من أجل الجاه، إن كل تلك المعاني التي كانت عندهم تستحق التضحية بالمبادئ تستحق التضحية بكل ما يملكه الإنسان؛ كل تلك المعاني قد زالت وانمحت من ذاكرتهم، فهم يريدون العودة للدنيا لأجل أن يعملوا:{وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ}[فاطر:٣٧]{فَهَلْ لَنَا مِنْ شُفَعَاءَ فَيَشْفَعُوا لَنَا أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ}[الأعراف:٥٣].