للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[عمق الخلل التربوي في المجتمع]

المسوغ الرابع لمطالبتنا بالتربية: عمق الخلل التربوي في المجتمع: لو نحينا جانباً الانحرافات والخلل الشرعي الموجود في المجتمع من خلال التقصير في الأوامر الشرعية، ومن خلال ارتكاب المعاصي، وحرمات الله عز وجل، مع أننا نعتبر أن هذا أكبر خلل، لكن نريد جانباً آخر نغفل عنه له أهميته، وهو جانب المعاني التربوية التي يحتاج إليها الإنسان.

مثلاً: مجتمعاتنا تربي الفرد على الاتكال على الآخرين، وغياب الروح الجماعية، فأنت ترى مثلاً مؤسسة أياً كانت هذه المؤسسة أهلية أو حكومية تفكر بعقلية الرجل الواحد، فالمدير هو كل شيء في هذه المؤسسة، هو الذي يفكر، وهو الذي يتخذ القرار، وهو الذي يعمل، وكل عامل في هذه المؤسسة لا يرى أن عليه أي مسئولية تجاه مثل هذه المؤسسة.

حتى داخل قطاع الصحوة عندما تأتي مثلاً إلى الجهود الدعوية، وترى المؤسسات الدعوية، تراها أيضاً هي تقاد من خلال الرجل الواحد.

فالفرد يشعر باتكالية، ولا يشعر بأي مسئولية، يرى أن المسئولية تقع على فلان.

عندما تأتي إلى الأسرة ترى أن كل شيء على الأب، ولا تكاد ترى من يشعر بالمسئولية المشتركة والمسئولية الجماعية.

ونتج عن ذلك خلل في معان شرعية مهمة، مثل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والتناصح، فهذا الآخر كنتيجة من نتائج هذه التربية، حيث يشعر كل إنسان أنه غير مسئول عن هذا المنكر فينهى عنه، ولا عن هذا المعروف والأمر به، إنما المسئول فلان.

الفردية: فلا نحسن العمل الجماعي مطلقاً، قد ترى عملاً جباراً من خلال فرد وشخص نشيط وقوي ومفكر وعامل، أما عمل جماعي فعلاً فتكاد تراه، وإذا رأيت عملاً جماعياً منتجاً ترى وراءه فرداً واحداً.

أما أن تكون هناك جهود متكاتفة ومجتمعة فهذه حالات نادرة، هذا مرض من الأمراض التي تعاني منها مجتمعات المسلمين.

التعصب: التعصب مرض ترثه الأمة، التعصب لإقليم، لقطر، لبلد، لحزب، وأياً كان هذا التعصب فهو مرض من أمراض الأمة، ونادراً ما ترى أحداً يخلو منه.

النظرة العاطفية المجردة: أي: أن تقييمنا للأمور تقييم عاطفي، فعندما يحصل حدث من الأحداث التي تمر بها الأمة فإننا نحلل الحدث تحليلاً عاطفياً، ونطرح حلولاً عاطفية، ويكون تعاملنا مع الأحداث بعاطفة، فليس عندنا عمق للتفكير، ولا عمق في الحلول، ولا في العمل، كل أمورنا دائماً تسير وراء العاطفة.

الثقة بالنفس، المبادرة، الكرم، الشجاعة، معانٍ كثيرة نرى أن هناك خللاً تربوياً في المجتمع، وأن هذه المعاني بحاجة إلى تصحيح، وبحاجة إلى تربية أيضاً هي الأخرى، فكلما ازداد هذا الخلل في المجتمع ازدادت ضرورة المطالبة بالتربية والحاجة إليها.