[نماذج من المشكلات المتكررة مع وضوح العلاج]
ولنعرض أيها الإخوة نماذج من الأسئلة التي كثيراً ما تصلنا حتى لا نحلق في الخيال سؤال وصلني في أحد الدروس: شاب يقول: إنني أعق والدي فما الحل؟ أجيبوني بالله عليكم كيف تجدون الحل لمثل هذه السؤال؟! إني لا أجد أن أقول لهذا الشاب إلا ما قلته له: الحل أن لا تعق والديك، فهل هناك حل آخر غير هذا الحل؟! سؤال آخر يتكرر أيضاً: إنني أسمع الغناء وأريد أن أتخلص من الغناء فما الحل؟ إنني شاب لي صحبة فاسدة وأريد أن أتخلى عنهم، فكيف أتخلى عنهم؟ الحل: أن تترك سماع الغناء الحل: أن تترك الصحبة الفاسدة فالحل في يدك، حين تفشل فالمشكلة ليست في أن هناك عشرين خطوة أو ثلاثين خطوة لم نذكرها لك، أو أننا ذكرنا لك هذه الخطوات كلها ونسيت أنت الخطوة الأخيرة وصارت هي العقدة في الحل.
لا أستيقظ لصلاة الفجر فما الوسيلة لذلك؟ مشكلتي أنني أقع في العادة السرية وأجاهد نفسي لكني لا أستطيع، فما الحل؟ وهي قائمة طويلة معشر الإخوة الكرام من الأسئلة تتكرر كثيراً، فيجاب عن السؤال ثم ترى السائل نفسه يعرض السؤال مرة أخرى وبنفس اللغة وعلى الشخص نفسه مرة أخرى، وهكذا يبقى في حلقة مفرغة.
معشر الشباب! إننا لا نرفض أبداً أن يطرح الشاب مشكلاته لا نرفض أن يسأل أن يبحث عن الحل، وأيضاً لا نعترض على المتحدث حين يجيب وحين يذكر خطوات للحل، لكننا نخشى أن تتحول القضية إلى عقدة يتصور الشاب بعد ذلك أنه معذور؛ لأنه لم يصل إلى الحل.
شاب اتصل علي بالهاتف فجلس معي قرابة الساعة يشكو مشكلته وأعرض له الحل، ثم قال: إني ذهبت إلى فلان من طلبة العلم سبع مرات، وفلان كذا وكذا مرة، وفلان، قلت له: هل أنت مقتنع بعد ذلك مما عرضت لك أنه هو الحل؟ قال: لا، قلت: أتريد حلاً لم تأت به الشريعة الإسلامية، لست أدري؟! المشكلة هي منك أنت وحدك المشكلة أنك إنسان ضعيف الشخصية ضعيف الإيمان ضعيف العزيمة والإرادة، فلا داعي أن تضيع أوقات الناس وتشغل الناس بهذا
السؤال
هذه مشكلتي! إذا لم تستطع فكن صريحاً واقعياً مع نفسك وقل: إنني ضعيف! وجاهد نفسك ولا داعي لإضاعة الوقت؛ لأنك حين تبحث عن الحلول فإن هذا يهون عليك بشاعة الخطأ الذي وقعت فيه ويخفف عليك من لوم النفس وتأنيبها؛ لأنك تتصور أن هناك حلاً لا يملكه إلا رجل رأيته في المنام ولما تراه إلى الآن في اليقظة، فأنت تسأل بكل مناسبة وكل لقاء علك أن تجد من رأيته في المنام، ولعلك ترى ملك الموت قبل أن ترى هذا الذي رأيته في المنام والذي يملك الحل السحري الذي تتوهمه أنت.
معشر الإخوة الكرام! إنها مخادعة وحيلة نفسية نتخلص بها من عيوبنا، وخير لنا أن نكون صرحاء مع أنفسنا أن نكون واضحين فنحدد أسباب المشكلة ونعرف أن مكمن الداء هو تقصيرنا هو ضعف إيماننا هو ضعف همتنا، وحينئذ نستطيع أن نحل المشكلة أو على الأقل أن نعترف بالمشكلة، وأن نعترف بمسئوليتنا خير لنا من المخادعة والمراوغة.
شاب أرسل لي رسالة يشتكي فيها مشكلته، ويذكر لي أنه أرسل إلى عدد ممن لم يتجاوبوا معه، فأرسلت له رسالة مطولة من ثلاث صفحات وتفاعلت مع مشكلته، وظننت أن هذه الرسالة ستكون الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي، فرد علي بالشكر والترحيب بالاهتمام برسالته وأخبرني أنه استفاد مما أعطيته، ثم بعد ثلاثة أشهر أتسلم رسالةً وأقرأ الرسالة فأرى أن الخط ليس غريباً علي، والقلم ليس غريباً علي، وإذا بالاسم نفسه لكن العنوان يختلف، ثم أنظر إلى ظرف الرسالة فأرى أنها أرسلت من مكتب البريد الذي أرسلت منه الرسالة السابقة، فأعود إلى المنزل وأقارنها بالرسالة السابقة وإذا هي هي، فإذا هو الشاب نفسه يرسل لي الرسالة بنفس اللغة وبنفس المشكلة: أنني شاب أشتكي من هذه المشكلة ثم حكى لي قصته، فما الحل؟ فرددت عليه قلت له: الآن اقتنعت أن الحل السابق هو ما قلت لك إنك باختصار ضعيف الإرادة ضعيف العزيمة فأرجو أن لا تشغل نفسك بالبحث عن الحل أو البحث عن تلك الخطوات السحرية التي تنتظرها من فلان وفلان، الحل تملكه أنت وحدك، وخير لك أن تكون صريحاً مع نفسك من أن تشغلها بالبحث عن حل ليس هو الحل الناجح والنافع.
مرة أخرى معشر الإخوة الكرام! لسنا نعترض على السؤال وعلى طرح المشكلات وعلى الحديث عنها؛ لكن حين نطرحها يجب أن نطرحها باقتصاد، ويجب أيضاً أن نتصور مكمن الداء وأساس المشكلة، وحين نجيب أيضاً عن السؤال وعن المشكلة فيجب أن نوقف السائل على أن الحل بيده.
وأن الحل ليس هذه الخطوات المرقمة التي أعطيناها إياه.