[غياب التوجيه]
السبب السادس: غياب التوجيه: في إحدى الدراسات التي أجريت على بعض نزلاء الدور الاجتماعية ٣١% من أفراد العينة يقول: إن أحد أفراد العائلة دخل السجن.
يعني: أن ثلث أفراد العينة يعيش في تربية غير سليمة، وأفراد العائلة: إما الأب أو الأخ، فكيف نتصور هذا الشاب الذي تربى في مثل هذا الجو! أيضاً في التحقيق الذي أجرته جريدة الأنباء يقول أحدهم: أما بالنسبة لأهلي فهم لا يعرفون إلى أين أذهب، وماذا أعمل، والدي تاجر وكل وقته يقضيه في عمله، وأمي كل همها السيارات والأثاث والديكور إلى آخره.
ولما سئل أحد المدخنين عن سبب وقوعه في الدخان، قال: إن أولياء أمورنا هم المسئولون بالدرجة الأولى، فأنا لم أر والدي يسألني أين أذهب، ومع أي شخص أمشي، وحتى لو علم بأني أدخن فلا يعمل شيئاً، وقد وصل الإهمال عند أولياء أمري لدرجة أني سافرت في العطلة إلى الخارج وجلست هناك خمسة عشر يوماً، وعندما رجعت لم يسألوني من أين جئت! ويقول أحد الذين خرجوا من دار الملاحظة وعادوا إليها مرة أخرى، لما سئل عن سبب عودته إلى الدار، قال: أبي لا يهتم لأدائي لفروضي الدينية: من صلاة، وأمر بمعروف، ونهي عن المنكر، فوالدي لو قام بتنشئتي تنشئة إسلامية خالصة لجعل لدي درعاً واقياً أمام الشيطان وانحرافاته، لذا فإني لا أقوم بواجبي الديني على أكمل وجه؛ حيث إني لا أعرف كيف أؤدي بعض هذه الواجبات التي من المفروض أن تكون أساسية منذ نشأتي؛ كالصلاة.
ويقول الآخر أيضاً: إن ولي أمري الذي هو القدوة والمثل الأعلى لي، يطلب مني أشياء وواجبات أقوم بها وهو لا يؤدي هذه الواجبات، فيطلب مني عدم شرب الدخان وهو يشربه، ففقدت جانباً مهماً وهو القدوة، فسبب لي ذلك ازدواجية في تعلم المفاهيم وتطبيقها، كان من نتائجها أن عدت إلى الدار.
أيها الإخوة! عندما نعنى بالتوجيه هنا فإننا لا نخاطب الآباء وحدهم، وإنما نخاطب الآباء، ونخاطب الأساتذة أيضاً، ونخاطب كل من له صلة بجو الشباب، فيجب عليه أن يتقي الله سبحانه وتعالى، وأن يعلم أن هؤلاء الشباب الذين تحت يديه أمانة في عنقه، وسيسأله الله عز وجل عنهم يوم القيامة.
فكفى تشاغلاً أيها الإخوة! والله إنه مما يدمي أن ترى الأب ينشغل بدنياه، وينشغل بجمع أمواله، وينشغل بالسهر هنا وهناك، ويضيع أوقاته، وبعد ذلك يفاجئ بابنه وقد وقع في مصيبة، حينئذ يضع يده على رأسه ويقول: كيف يحدث هذا؟! لم أكن أتوقع هذا؟! السبب هو أنت، السبب هو غفلتك.
وتذكروا قول الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} [التحريم:٦].
تذكروا قوله صلى الله عليه وسلم: (كلكم راع، وكلكم مسئول عن رعيته).
تذكروا قوله صلى الله عليه وسلم: (إن الله سائل كل راع عما استرعاه: أحفظ ذلك أم ضيعه).
أقول أيها الإخوة! إن من أكبر أسباب الوقوع في مثل هذه الأمور: غياب التوجيه، وعدم عناية الآباء وأولياء الأمور، والبعض ممن يتولون أمور الشباب من الأساتذة وغيرهم في الحديث عن مثل هذه الأمور، وتحذير الشباب منها ووقايتهم.