كذلك من الطاقات المعطلة: أصحاب المهن الحرة كالتجار مثلاً، فالآن الصحوة لها انتشار طيب في قطاع التعليم وقطاع الطلاب، لكن ما مدى انتشار الصحوة في قطاع التجار، وفي قطاع العمالة، فالقطاعات الأخرى تجدها قطاعات بعيدة فعلاً عن هذا الأمر.
وسنعطيكم تصوراً بسيطاً جداً لذلك، فمثلاً هناك مشكلة نعاني منها كثيراً في المجتمع وهي مشكلة السفور، فتخيلوا لو وجد عندنا مثلاً في سوق من الأسواق خاصة أسواق الملابس الجاهزة، أو الأسواق التي تعرض منتجات تحتاج إليها المرأة، لو كان عندنا في هذا السوق أكثر من تاجر مستقيم ملتزم، أو على الأقل -بعبارة أوضح- أكثر من تاجر واستطعنا أن نوظفه لخدمة الدعوة فعلاً، فعندما تأتيه امرأة متبرجة يقول لها: أنا أرفض أن أبيع للمرأة المتبرجة.
يرفض أن يبيع للمرأة المتبرجة، ويضع لافتة على المحل يكتب فيها آية أو حديثاً، ويقول: لذا نرفض أن نبيع للنساء المتبرجات.
لا شك أنه سيساهم فعلاً بدور كبير في مواجهة الفساد، وستسخر منه المرأة المتبرجة قطعاً، وستعرض عنه، لكنها عندما تذهب إلى المنزل فإنها ستقول: لا أستغرب أنا أن أسمع هذه الكلمة مثلاً من رجل هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أو من خطيب المسجد، لكن لما أسمع هذه الكلمة من التاجر، ومن صاحب المحل، وأسمع الكلمة من الرجل الآخر، ومن فلان وفلان من الناس، فسيدعوها هذا إلى أن تعيد النظر في نفسها، وأن تعيد النظر في هذا التبرج والسفور التي قد وقعت فيه.
والآن بدأنا نرى وجود محلات خياطة لا تفصل مثلاً ثياباً أسفل من الكعبين، وهذا مظهر طيب، وأنا لا أقول: إن القضية هذه ستحل مشاكل الأمة، لكن هذا مظهر طيب من مظاهر الصحوة، ومظهر يشعر الناس أن الصحوة بدأت تمتد في مجال أوسع، ومدى أوسع.
وعندما يوجد عندنا أيضاً في وسط الأسواق الذي فيها تبرج وسفور محلات لا تبيع الأزياء المخالفة، وعندما يوجد صاحب المحل الذي يحمل عاطفة خيرة، والكثير من هؤلاء طيبون، فهل تتصورون مثلاً أن أصحاب المحلات كلهم أناس سيئون، لا، ولذلك أحياناً عندما تأتي صاحب المحل وتتحدث معه تجده يعاني من السفور الموجود في السوق، بل أحياناً بعضهم يترك المحل ويترك هذه التجارة؛ نظراً لأنه لا يطيق أن يبقى في هذا المكان.
وأنا أعتبر هذا الموقف غير سليم، فإذا كان الإنسان متزوجاً، وعنده قدر من التحمل فيجب عليه أن يبقى في السوق، فإذا كان هؤلاء الخيرون سيتركون هذا الميدان فسيبقى الميدان لمن يتمنى أن يرى المرأة متبرجة لينظر إليها.
فأقول مثلاً: لو استطعنا أن نوظف هذه الطاقات، أصحاب المهن الحرة: التجار، وأصحاب المحلات التجارية، وكافة طبقات المجتمع، أن نوظف هؤلاء لخدمة قضايا الدعوة لكان خيراً كثيراً، ولا يشترط أن يأتي مثل هذا الرجل ويسجل في المركز الصيفي، أو يجلس في حلقة من حلقات تحفيظ القرآن حتى يكون من جيل الصحوة، لا، لكن عندما نخاطب هؤلاء، ونشعر هؤلاء، ونقدم لهم برامج فعلاً للدعوة، فنقول: أنت تستطيع أن تقدم خدمة للدعوة عندما تصنع كذا وكذا، فأجزم أن هناك فئة كبيرة عندها استعداد أن تساهم.