السبب الثامن: الإعجاب بالنفس والغرور: والذي أوقع الشيطان فيما أوقعه فيه هو إعجابه بنفسه وغروره، ومهما كان عليه الإنسان من الإيمان والتقوى والصلاح فبدون تثبيت الله وتوفيق الله عز وجل لن يستطيع الثبات أبداً.
الرسول صلى الله عليه وسلم كان كثيراً ما يقول:(يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك)، وكان يقول في قيام الليل:(اللهم رب جبريل، وميكائيل، وإسرافيل، فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك؛ إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم)، وكان يستعيذ بالله من الحور بعد الكور، ولم يكن النبي صلى الله عليه وسلم ليدعو بهذا الدعاء عبثاً، بل إن الله يقول له:{وَلَوْلا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا}[الإسراء:٧٤]، فالنبي صلى الله عليه وسلم يحتاج إلى تثبيت الله، فغيره من باب أولى.
المشكلة أن بعض الشباب يحس بأنه قد وصل إلى مرحلة استقرار، وأصبح عارفاً لكل شيء، وأنه إنسان ليس عنده أي قصور، وقد أصبح الآن بحاجة إلى أن يعطي، وليس بحاجة إلى ما يزيد إيمانه وطاعته، وعندما يشعر الإنسان بأنه اكتمل فقد بدأ النقص، وهذا ما يريده الشيطان.
فالحذر الحذر -يا شباب- من الإعجاب بالنفس، وعندما تتخيل أنك صاحب عبادة، فتذكر سيرة العباد واقرأ سير العباد لترى المسافة الشاسعة بينك وبينهم.
وعندما ترى نفسك وصلت منزلة من الورع والزهد فاقرأ سير الزهاد وأهل الورع.
وعندما تتخيل أنك بذلت جهداً في الدعوة فاقرأ سير الأنبياء، واقرأ سير السابقين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم لترى المسافة الشاسعة بينك وبين أولئك، ومع ذلك كان أولئك يبكون ويتضرعون إلى الله عز وجل أن يثبتهم على هذا الطريق وأن يهديهم إلى الطريق المستقيم؛ فهل أنت خير منهم؟!