للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[نصوص الكتاب والسنة]

أننا حين نقرأ في نصوص الكتاب والسنة نجد أن هناك نصوصاً متضافرة في الكتاب والسنة تخاطب المسلمين على أن الأمر أمر جد، أن الأمر يحتاج إلى أن يؤخذ بجدية، يقول الله سبحانه وتعالى: {يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ} [مريم:١٢]، ويقول الله سبحانه وتعالى مخاطباً نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم: {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ} [المزمل:١] {قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا * نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا * أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا * إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا} [المزمل:٢ - ٥].

لقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يتحمل أمراً ثقيلاً، أمراً جاداً كان يحتاج معه إلى أن يفرض عليه صلى الله عليه وسلم قيام الليل هو وأصحابه، فقاموا شهراً حتى ورمت أقدامهم ثم نزل التخفيف بعد ذلك، واختلف هل بقي قيام الليل واجباً على النبي صلى الله عليه وسلم أم أنه نسخ وصار في حقه نافلة، هذا الموضوع لا يعنينا، لكن لماذا فرض على النبي صلى الله عليه وسلم وعلى المسلمين قيام الليل في تلك الفترة؟ أخبر الله سبحانه وتعالى بالحكمة، {قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا * نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا * أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا * إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا * إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا} [المزمل:٢ - ٦].

لقد كان هذا القول الذي تلقاه النبي صلى الله عليه وسلم ثقيلاً، هل كان ثقيلاً بألفاظه وحروفه؟ أبداً فهو ميسر {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ} [القمر:١٧]، لكنه كان ثقيلاً بتبعاته، كان ثقيلاً يحتاج إلى نفس جادة، إلى نفس تربت تربية تؤهلها لأن تحمل هذه الرسالة.

من هذه النصوص قول الله سبحانه وتعالى: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ} [البقرة:٢١٤]، {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ * وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ} [آل عمران:١٤٢ - ١٤٣].

{وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا} [الكهف:٢٨].

إن هذه النصوص من كتاب الله سبحانه وتعالى تعطينا دلالة واضحة على أن الأمر أمر جد، أن الأمر يحتاج إلى نفوس عالية، وإلى همم تربت تربية جادة عميقة تحتمل هذا الأمر وتحمل هذا الدين.