الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله.
أما بعد: فعنوان حديثنا هذه الليلة: الدعاة الصامتون، وحديثنا يتضمن النقاط الآتية: أولاً: وقفة حول العنوان.
ثانياً: وقفة مع نصوص القرآن الكريم.
ثالثاً: الداعية الأول، والدعوة الصامتة.
رابعاً: أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بعده يترسمون معالم المنهج.
خامساً: مزايا الدعوة الصامتة.
سادساً وأخيراً: من مجالات الدعوة الصامتة.
إن البعض قد يظن أننا نعني بالحديث عن الدعاة الصامتين، أولئك الذين صمتوا عن بيان كلمة الحق، وأولئك الذين قعدوا عن سبيل الدعوة إلى الله عز وجل، هذا الفهم ربما يتبادر إلى ذهن من يسمع العنوان، لكن هؤلاء إنما هم شياطين خرس ليسوا جديرين بوصف الدعوة، لهذا فلا يسوغ أن يوصف هؤلاء بأنهم دعاة صامتون، بل هم شياطين خرس، إن الذين يسكتون عن الحق حيث يجب بيانه، والذين يقعدون عن القيام بنصرة هذا الدين خاصة في هذا العصر الذي تكالب فيه الأعداء على هذه الأمة، وكشروا عن أنيابهم، وأعلنوها حرباً ضروساً شاملة على الإسلام وأهله، وعلى كل من دعا لدين الله عز وجل، إن أولئك الذين يقفون على الحياد في هذه المعركة التي تعيشها الأمة، ليسوا جديرين بأن يوصفوا بأنهم دعاة صامتون، إنما هم شياطين خرس، فالساكت عن الحق شيطان أخرس.
إنما نعني بالدعاة الصامتين: أولئك الذين يدعون إلى الله عز وجل بأحوالهم، أولئك الذين تبلغ أحوالهم عن دعوتهم، فهم يدعون الناس بأفعالهم وسيرهم وأحوالهم، إنهم لم يتكلموا ولم ينطقوا، لكن أحوالهم وأمورهم ناطقة بما يدعون إليه، بل ربما كانت هذه الأحوال أبلغ من أي كلمة وأي بيان.