من الآفات التي نرتكبها تجاههم أو من مجالات ظلمهم: هو الإهمال وعدم العناية، وأننا لا نلتفت لهم، بل أحياناً لا نكتشف أن فلاناً يملك هذه الموهبة، فإن من مسئولية المربي أياً كان أستاذاً أو أباً أن يحرص على أن يكتشف المواهب والطاقات؛ حتى يستطيع أن يوجه الشاب ويوجه هذه المتربي الوجهة الصحيحة، وينمي هذه الطاقة والموهبة ويضعها في مكانها الطبيعي حتى تساهم في خدمة الأمة وخدمة الدعوة، فكثيراً ما نهملهم ولا نعتني بهم.
وننظر الآن مثلاً في قضية رعاية الموهوبين فنجد أن الغرب يعتنون بهم كثيراً، حيث يعتنون بهؤلاء الموهوبين من الصغر، بل إنه في نيويورك يقام معرض سنوي للمخترعين الصغار ممن هم دون الخامسة عشرة، وتختار من بين هذه المخترعات خمسون عينة وتعرض جنباً إلى جنب مع ما يقدمه المخترعون الكبار، أمة تحرص على أن تربي الطاقات، وتحرص على أن تربي هؤلاء النجباء، بالله عليكم هل أولئك خلقهم الله من طينة خاصة؟! هل أولئك الغربيون هم فقط الأذكياء وحدهم؟! هل هم وحدهم الذين يملكون القدرة؟! نحن نتيجة للمرض والتخلف الذي أصابنا صار عندنا وهم أن الذكاء خلق لهم وحدهم، وأن التقدم المادي خلق لهم وحدهم، هم بشر ونحن بشر، فما الذي يميز هؤلاء حتى يقودوا البشرية الآن؟! ما الذي يميزهم حتى يحققوا التقدم الاقتصادي والتقدم المادي والتقدم الصناعي؟! هل يجري فيهم دم زكي؟! هل خلقوا من طينة خاصة؟! بل نحن نرى أن هذه الأمة تملك طاقات أكثر؛ لأنها أمة خاصة، أمة اختارها الله لتكون خير أمة أخرجت للناس، ولتكون شهيدة على الناس في الدنيا والآخرة، فلا بد أن تملك الأمة أفضل الطاقات وأفضل المواهب، ولكننا نمارس أحياناً -بقصد أو بغير قصد- قتلاً ووأداً للطاقات، حتى إذا نبغت مواهب لا يفتح لها المجال للإبداع، ولا يفتح لها المجال للعمل، ولا يفتح لها المجال لئن تساهم في تصحيح المجتمعات، فإن مراكز الفكر والتوجيه أحياناً تصبح وقفاً على فئة خاصة من الناس، وأحياناً تصبح وقفاً على الذين حجروا عقولهم وصاروا يقولون: سمعاً وطاعة لكل أمر، أما الإنسان صاحب الإبداع الذي عنده روح الإصلاح للمجتمع، والذي يحمل غيرة على المجتمع، وهو مع ذلك كله يملك كافة المقومات التي يملكها الآخرون، لا يمكن أن يفسح له المجال حتى يؤدي ما عنده، أليس هذا وأداً وإهمالاً لهذه الطاقات؟ لا نريد أن نتحدث عن واقع الموهوبين والعناية بهم في بلادنا الإسلامية، وحتى لو اعتني بهم فنحن نريد أن يعتنى بهم ويوجهوا الوجهة الشرعية التي تخدم الأمة في مرحلتها الراهنة، فالأمة اليوم تعيش في ذيل القائمة، وهي أمة لا تملك قرارها ولا مصيرها، حتى المشاكل التي تثور بين الأمة الإسلامية لا تملك الأمة الرأي فيها، فهي بحاجة إلى أن تستنفر الطاقات، فكيف نساهم في وأد هذه الطاقات، سواء بقصد أو بغير قصد، سيان الأمر هي جناية وجريمة في حق هذه الأمة! فلا نريد نقع نحن أيضاًَ في نفس الخطأ الذي يمارسه أولئك، فنكرر نفس الخطأ ونساهم في وأد الطاقات الصاعدة التي نأمل إن شاء الله أن تكون قائدة لجيل الصحوة.