الآفة التاسعة: كثرة المخالطة: لا شك أن من الأخوة في الله أن يجلس الأخ مع إخوانه وقتاً ربما كان أكثره معموراً بذكر الله، وطاعة الله والمحبة فيه، لكن إذا طال الأمر فإنه يتحول إلى داء، ويلفت الإمام ابن القيم رحمه الله إلى ذلك فيقول: الاجتماع بالإخوان قسمان: أحدهما: اجتماع على مؤانسة الطبع وشغل الوقت.
يعني: أناس يرتاح بعضهم لبعض، يريدون أن يقضوا الوقت فقط، كحال أكثر مجالس الناس.
قال: فهذا مضرته أرجح من منفعته، وأقل ما فيه، أنه يفسد القلب ويضيع الوقت.
الثاني: الاجتماع بهم على أسباب النجاة والتواصي بالحق والصبر، فهذا من أعظم الغنيمة وأنفعها، ولكن فيه ثلاث آفات، يعني ينبغي أن نحذر من هذه الآفات الثلاث: إحداها: تزين بعضهم لبعض.
يعني: وجود نوع من المجاملة والمراءاة أحياناً.
الثاني: الكلام والخلطة أكثر من الحاجة.
الثالثة: أن يصير ذلك شهوة وعادة ينقطع بها عن المقصود.
هو في البداية أخ له في الله ويحبه في الله، ويتعاون معه على الخير، ثم إنهم لا يفترقون، يسهرون مع بعض ويذهبون مع بعض، ويأتون، والقضية تحولت إلى مؤانسة على الطبع، ولو فتشنا كم هي المجالس التي يقضيها الإخوة الصالحون، والناس الأخيار المتحابون في الله، وهي من هذا الصنف وهذا النوع التي تتحول إلى مؤانسة الطبع واللقاء فيه، فهذا من آفات الأخوة، يبدأ يجامل صاحبه، وتبدأ هذه الأخوة تفتقد ثمراتها الحقة.