التربية الفردية ثالثاً حتى تكون متكاملة، ينبغي أيضاً أن ترعى جوانب الشخصية المختلفة، إن المرء له جوانب عقلية، وجوانب معرفية وجوانب وجدانية، إن التربية ينبغي أن ترعى هذه الجوانب كلها، وعلى سبيل المثال لنلقي نظرة سريعة عاجلة على التربية والتعليم الذي نراه على مستوى الأمة الإسلامية، هل التربية المدرسية الآن ترعى هذه الجوانب كلها، أم أنها تتعامل مع جانب واحد فقط من هذه الجوانب، ماذا يتلقى الطالب وماذا تتلقى الطالبة في المدرسة؟ إن الذي يتلقاه في المدرسة لا يزيد على أن يكون معلومات معرفية مجردة جافة، وحتى هذه المعلومات يأخذها تلقيناً ويطلب منه أن يعتاد على أن يسمع ويطيع، وأن يعتاد على مبدأ التسول الفكري، وعلى أن يلغي عقله وتفكيره، فكل ما يقوله له والده صواب لا يقبل الخطأ وكل ما يقول له أستاذه صواب لا يقبل الخطأ، بل لا يقبل النقاش، وكل ما يسمع في المجتمع من هنا وهناك صواب لا يقبل الخطأ.
إن هذه معشر الإخوة الكرام تربية غير متكاملة ولا متوازنة، إننا بحاجة إلى أن نعيد النظر في مناهجنا التربوية لننظر هل تغطي هذه الجوانب فعلاًً؟ أسألكم بالله كم عدد الشباب والفتيات الذين يعيشون في سن المراهقة وجحيمها ويعانون من المشكلات التي تثور مع هذه المرحلة؟ فهل مناهج التعليم في العالم الإسلامي تتعامل مع هذه المرحلة بما يليق؟ وهل مناهجنا التربوية وأساليبنا التربوية كفيلة بحل مشكلات هؤلاء الشباب؟ كم نرى في العالم الإسلامي من رواد الجامعات والمدارس ممن يكونون ضحية للمخدرات، أو ضحية للانحراف الجنسي، أو ضحية للخلل هنا وهناك، فأين أثر التربية؟ أظن أن جزءاً كبيراً من المشكلة يكمن في أن التربية هنا تربية غير متكاملة، فهي لا ترعى إلا جانباً واحداً فقط هو الجانب المعرفي وحده.