الخطأ الخامس: خطأ مقابل للخطأ السابق، وهو أن نعتذر بأننا بشر: صحيح أن البشر لا بد أن يقعوا في الخطأ، لكن ليس هذا عذراً نضرب به في وجه كل من يطالب بالتصحيح، وحين نقول هذا العذر فإننا يجب أن نقوله ونحن نحمل العزيمة والإرادة الجادة والاستعداد للتصحيح، وأن نحمل تبعة هذا الخطأ.
أضرب لك مثالاً: أنظمة المرور تطالب الإنسان الذي يسير في الطريق أن يكون منتبهاً، وأن يضع مسافة بينه وبين السيارة التي أمامه، لكن الإنسان بشر قد ينشغل فتقف السيارة التي أمامه فجأة فيصطدم بها، وحين يطالبه هذا الشخص بأن يتحمل مسئولية الخطأ الذي وقع فيه، وأن يقوم بإصلاح سيارته فإنه لا يقبل منه بحال أن يعتذر عنه بأنه بشر والبشر قد ينسى وقد يسهو وقد يغفل، وقد وقد، نعم قد يفعل ذلك كله، لكن عليه أن يتحمل تبعة الخطأ الذي وقع فيه، فيقوم بإصلاح ما أفسد، ولهذا فالخطأ الذي يقع من الإنسان ويترتب عليه تلف في أموال الآخرين أو أبدانهم لا يعذر فيه بالخطأ عن التبعات، فقتل الخطأ مثلاً يطالب الإنسان فيه أن يدفع الدية، ولو أتلف مال غيره خطأً فهو مطالب بالضمان، مع أنه بشر، وقيمة الخطأ هنا أنه رفع عنه الإثم، لكن بقي أن يتحمل تبعة الخطأ.
المقصود أننا يجب أن نتوازن، فلا نطلب من الناس المثالية، ولا ندافع عن أخطائهم، ونسوغ أخطاءهم بحجة أنهم بشر، فقد نرى الأب كثيراً ما يعتذر عن ابنه بأنه مراهق، وأن هذا شأن الشباب، وقد نرى أستاذاً يعتذر عن حال طلابه بأنهم مراهقون، وربما نعتذر عن الكبائر بحجة أن من يفعلها بشر، وبحجة أنهم مراهقون، وبحجة أنهم يعيشون في عصر مليء بالفتن والمغريات إلى غير ذلك.