للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[المفهوم الصحيح للتربية]

السؤال

ليس العتب على الأب فقط، بل على كل شيء، فقد تجد أباً يتبع نفسه، ويعمل بالأسباب، ولا يستطيع ذلك، أليس كذلك؟

الجواب

لا، المشكلة يا إخوة! أن مفهومنا للتربية غير صحيح في بعض الأمور، فالكثير من الآباء يتصور أن التربية مرادفة تامة لرفع العصا الغليظة، وأن التربية تعني القسوة، وأن التربية تعني أن يغلق على الابن في البيت، وحين يفعل ذلك ويجتهد في إيجاد الأقفال، وفي جلب العصي، وتوفير وسائل الإهانة لابنه، يتخيل أنه قد اجتهد في التربية، وهذا اجتهاد خاطئ، فإن مجرد شعور الأب بأهمية التربية، ومجرد قسوته، ومجرد حرصه الشديد ليس هو المؤهل الوحيد ليكون أسلوبه أسلوباً تربوياً ناجحاً.

نعم قد يبذل الأب الأسباب، ويكون أسلوبه التربوي أسلوباً ناجحاً، ويبذل كل ما يستطيع ولا ينجح، لكن هذه الحالات قليلة، بل أقول يا إخوة: إنها حالات نادرة، فالغالب أن يكون هناك تقصير من الأب، وقد لا يكون بالضرورة تقصير ناشئ عن إهمال، وسبب وجود هذا الإشكال عندنا أننا نتصور أن التربية مرادفة للقسوة، وأن التربية مرادفة لصورة معينة تعودنا عليها، فتعود الأب من أبيه تربية معينة، وتعود الأب من والده أسلوباً معيناً يمارسه معه، فيتصور أن هذه هي التربية، وأن هذا هو الأسلوب، وليس بالضرورة أن يكون أسلوبه هذا هو التربية، ثم هب أنه كان ناجحاً في وقت، فهذا لا يعني أنه سينجح في وقت آخر، لقد تغيرت الأمور، وتغير الأبناء، وتغيرت الظروف، ولهذا لابد أن نضع هذا الاعتبار في الذهن ونحن نجيب على مثل هذا التساؤل، مع أيضاً كما ذكرنا أن هناك من قد يبذل الجهد لكنه قد لا ينجح، لكن هذه نسبة نادرة، ويبقى بعد ذلك التوفيق بيدي الله سبحانه وتعالى.