أيضاً: من آثار ذلك الإخفاقات، نجد حالات من التراجع والتقهقر والتي اصطلحنا في أدبياتنا أن نسميها بالانتكاس: وهي حالات موجودة وكثيرة، جزء من هذه الحالات مصدره الشعور بالإحباط، أنا أرفض أن أفسر هذه الظاهرة بهذا العامل، لكن أقول: إن هذا العامل أحد العوامل التي تفسر لنا هذه الظاهرة، فهناك عدد من حالات التراجع والإخفاق مصدرها أن الشاب تمر به مواقف فيفشل فيها في السيطرة على نفسه، يفشل في التخلص من معصية يعاني منها، فيحاول ويحاول مرة أخرى فيشعر أنه غير جاد، يشعر أنه منافق، يشعر أنه غير مؤهل للالتزام فيحسم الموضوع ويتخذ قرار التراجع والتقهقر! أيها الإخوة والأخوات، هذه صور ونماذج تعكس حال هذا الجيل الذي يعاني من إحباط، ينظر إلى الالتزام نظرة واحدة، ينظر إلى الالتزام على أنه أعباء وتكاليف، وقيود صارمة، وأنه مرتقى صعب ليس من حق أي إنسان أن يدعيه ولا أن يسلكه، بل نسمع من الكثير بلسان الحال أو لسان المقال أننا لسنا أهلاً أن نوصف هذا الوصف.
والمشكلة -أيها الإخوة والأخوات كما أشرت قبل قليل- تتجاوز الحكم الفردي، قد يكون الإنسان متواضعاً، قد ينظر إلى سيئاته وتقصيره، لكنك تراها على الجيل.
لو ألقينا سؤالاً على الحاضرين والحاضرات: ما رأيكم اليوم في الشباب الملتزمين؟ ما رأيكن في الفتيات الملتزمات؟ سنجد معظم الإجابات تنظر نظرة فيها إحباط، تنظر نظرة متشائمة، ترى أن هذا الجيل جيل غير مؤهل، جيل غير جاد في التزامه، غير صادق في التزامه.
قد نفترض -كما قلت- مقت النفس واحتقار النفس والنظر إلى قصورها في الحكم الفردي حين يحكم الإنسان على نفسه، أما حين نحكم على الجيل فأعتقد أن مثل هذا الحكم يحتاج إلى إعادة نظر ويحتاج إلى مراجعة.