للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[قصص الأنبياء ومطالبتهم بالحجة والبرهان]

لقد ساق الله عز وجل قصص أنبيائه في كتابه الكريم حتى تكون عبرة وعظة وقدوة، وقال لنبيه صلى الله عليه وسلم: {أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ} [الأنعام:٩٠].

ومن جوانب الاقتداء بالأنبياء الاقتداء بهم في منهج الدعوة ومخاطبة الناس، وها هي بعض الأمثلة التي تبيّن أن الأنبياء أيضاً كانوا في دعوتهم لأقوامهم وخطابهم معهم يطالبونهم بالحجة والبرهان.

هود عليه السلام يقول الله عز وجل عنه في سورة الأعراف: {قَالَ قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ أَتُجَادِلُونَنِي فِي أَسْمَاءٍ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا نَزَّلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ فَانتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنتَظِرِينَ} [الأعراف:٧١] فهو يرى أن من عوامل بطلان آلهة قومه أن الله لم ينزل بها من سلطان، فلو كان لديهم سلطان فليأتوا به وليذكروه له.

ويوسف عليه السلام يقول الله عز وجل عنه في سورة يوسف: {مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ} [يوسف:٤٠].

وإبراهيم يقول الله عز وجل عنه: {وَحَاجَّهُ قَوْمُهُ قَالَ أَتُحَاجُّونِي فِي اللَّهِ وَقَدْ هَدَانِ وَلا أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبِّي شَيْئًا وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا أَفَلا تَتَذَكَّرُونَ * وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالأَمْنِ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ} [الأنعام:٨٠ - ٨١].

ومحمد صلى الله عليه وسلم يأمره الله عز وجل أن يطلب الحجة والبرهان: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَوَاتِ اِئْتُونِي بِكِتَابٍ مِنْ قَبْلِ هَذَا أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [الأحقاف:٤].

ولو استطردنا في ذكر قصص الأنبياء في مطالبتهم بالحجة والبرهان لأقوامهم لطال المقام، والمقصود أيضاً كما أن الله سبحانه وتعالى طالب المكذبين والمعرضين والمعاندين بالحجة والبرهان والدليل، فكذلك أنبياء الله صلوات الله وسلامه عليهم كانوا يطالبون أقوامهم بالحجة والبرهان والدليل، مع أن دعواهم كانت دعوى فاسدة، وقضيتهم كانت قضية تافهة، فهم يطالبون الذين يتخذون آلهة من دون الله بالبرهان والدليل، ويطالبون الذين يسمونها آلهة من تلقاء أنفسهم، فما بالكم بمن هو دون ذلك مما قد يكون فيه مجال للخلاف والنقاش والأخذ والعطاء؟