للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[السلف والزواج]

العنصر الثالث: السلف والزواج.

ولنورد بعض النقول عن السلف في عنايتهم بالزواج سواء من أقوالهم أو أعمالهم، وكل خير في اتباع من سلف.

روى البخاري عن سعيد بن جبير رضي الله عنه قال: قال لي ابن عباس رضي الله عنه: هل تزوجت؟ قلت: لا.

قال: فتزوج فإن خير هذه الأمة أكثرها نساء.

وفي رواية لـ أحمد بن منيع: وذلك قبل أن يخرج وجهي، يعني: قبل أن يلتحي أو أن يخرج شعر لحيته.

وروى ابن أبي شيبة عن شداد بن أوس رضي الله عنه وكان قد ذهب بصره قال: (زوجوني فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم أوصاني ألا ألقى الله عزباً).

وروى ابن أبي شيبة عن معاذ أنه قال في مرضه الذي مات فيه: زوجوني، إني أكره أن ألقى الله عزباً.

وروى أيضاً عن ميسرة أنه قال: قال لي طاوس: لتنكحن أو لأقولن لك ما قال عمر لـ أبي الزوائد: ما يمنعك من النكاح إلا عجز أو فجور.

وروى عن طاوس أنه قال: لا يتم نسك الشاب حتى يتزوج.

أي: لا تتم عبادته حتى يتزوج.

وروى عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال: لولم أعد أكن في الدنيا إلا عشراً لأحببت أن يكون عندي فيهن امرأة.

وقال المروزي: قال الإمام أبو عبد الله يعني أحمد بن حنبل: ليست العزوبة من أمر الإسلام في شيء، النبي صلى الله عليه وسلم تزوج أربع عشرة ومات عن تسع، ولو تزوج بشر بن حارث لتم أمره، ولو ترك الناس النكاح لم يكن غزو ولا حج ولا كذا ولا كذا، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يُصبح وما عنده شيء ومات عن تسع، وكان يختار النكاح ويحث عليه ونهى عن التبتل، فمن رغب عن سنة النبي صلى الله عليه وسلم فهو على غير الحق، ويعقوب في حزنه قد تزوج وولد له، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: (حبب إليّ النساء).

فقلت له: فإن إبراهيم بن أدهم يُحكى عنه أنه قال: لروعة صاحب العيال، فما قدرت أن أتم الحديث حتى صاح بي وقال: وقعت في بنيات الطريق، انظر ما كان عليه محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه ثم قال: بكاء الصبي بين يدي أبيه يطلب منه الخبز أفضل من كذا وكذا، أين يلحق المتعبد العزب.

وقال الإمام أحمد أيضاً: لو كان بشر تزوج لتم أمره.

ونقل ابن قدامة عنه أيضاً رحمه الله أنه قال: من دعاك إلى غير التزويج فقد دعاك إلى غير الإسلام.

وتزوج الإمام أحمد رحمه الله في اليوم الثاني لوفاة أم ولده عبد الله.

وقد كان هذا مشهوراً عن السلف، بل عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كان أحدهم يبادر بالزواج إذا توفيت زوجته يقول: أكره أن ألقى الله عزباً.

وكان يعقوب يدخل على المهدي ليلاً، ويرفع إليه النصائح في الأمور الحسنة الجميلة من أمر الثغور، وتقوية الغزاة، وتزوج العزاب.

وقال عبد المؤمن المغربي كلاماً طويلاً وفيه: ورجل بلا بعل كرجل بلا نعل، والعزوبة مفتاح الزنا، والنكاح ملواح الغنى، ومن نكح فقد صفد بعض شياطينه، ومن تزوج فقد حصّن دينه، ألا فاتقوا الله في النصف الثاني، فإن خراب الدين بشهوتين: شهوة البطن وهي الصغرى، وشهوة الفرج وهي الكبرى، فاعمر الركعتين واحكم الحكمين.

نكتفي بهذه النقول وإلا فالنقول كثيرة عن السلف في ذلك لنذكر أيضاً بعض النقول عن الفقهاء الذين تحدثوا عن حكم الزواج، وما يتعلق به، وليس هذا وقت تقرير حكم الزواج أصلاً والتفصيل، لكن ما نورده استشهاد لقيمة النكاح عند فقهاء الأمة الأعلام.