[مواقف الدعاة وأفعالهم تدل المدعوين على صدق ما يدعون إليه]
أخيراً: من مزايا الدعوة الصامتة أنها أعظم إجابة على شبه المضلين والمفسدين، إن الصراع لا يمكن أبداً أن يتوقف بين أهل الحق وأهل الباطل، فال يزال أهل الباطل يثيرون الشبه أمام دعاة الحق، فيتهمونهم بأبشع التهم، وهي تهم ورثوها من فرعون حين قال عن موسى:{ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الأَرْضِ الْفَسَادَ}[غافر:٢٦]، وقال عن السحرة الذين آمنوا لموسى:{إِنَّ هَذَا لَمَكْرٌ مَكَرْتُمُوهُ فِي الْمَدِينَةِ لِتُخْرِجُوا مِنْهَا أَهْلَهَا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ}[الأعراف:١٢٣]، ورثوه من أولئك الذين ما أتاهم من رسول إلا قالوا ساحر أو مجنون، لقد كان أولئك يتهمون الأنبياء بأنهم سحرة، وبأنهم مجانين، وبأن أتباع الأنبياء ضعفاء بادي الرأي، وأن أولئك إنما كان إيمانهم واتباعهم لموسى إنما كان عن مؤامرة خفية كان يستهدف منها عرش فرعون ومجده وملكه، لكن صبر أولئك السحرة على ما واجههم، وسيرة موسى عليه السلام الذي كان قد عاش مع بني إسرائيل، وكانوا يعرفونه صلى الله عليه وسلم ويعرفون سيرته؛ كانت تلك المواقف أعظم إجابة على تلك التهمة والفرية التي أطلقها فرعون على أولئك المصلحين.
وهي أيضاً أعظم إجابة كانت على تلك الفرية التي أطلقها كفار قريش على النبي صلى الله عليه وسلم، فاتهموه بأنه صابئ وأنه ساحر يفرق بين المرء وزوجه، واتهموه بما اتهموه به صلى الله عليه وسلم، وما يزال المفسدون الأفاكون الظالمون يثيرون الشبه والتهم على من يتبع سنة الأنبياء ويسير على طريقتهم، فحين تكون حال هؤلاء حالاً صادقة للناس، وحالاً واضحة للناس تكون هذه أعظم إجابة على كذب أولئك وإفكهم.